tg-me.com/qasah/16670
Last Update:
*العبرة بالخواتيم*
روىٰ الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء وابن كثير في البداية والنهاية :
أنه ذات يوم كان أبو هُريرة جالسًا بجانب المسجد ومعه مجموعة من الصحابة ، فمر عليهم النبيّ ﷺ ونظر إليهم وتغيرت ملامحه لوهلة بسيطة ثم قال :
( *إن فيكم لَرَجُلاً ضرسهِ في النار أعظم من جبل أُحد* )
وانصرف عنهم النبيّﷺ لكن كلماته أبت أن تنصرف من أذهان هؤلاء الصحابة ومِنْ أذهان كل مسلمي المدينة .
إخبار رسول اللّه ﷺ أن واحدًا منهم سيكون من أهل النار هو إخبار ليس كأي إخبار ويا له مِنْ إخبار مِنَ الصادق المصدوق ﷺ، فقد حقّت النار على أحدهم وليس أي أحد من عامة القوم أو من المشركين أو الكافرين ، بل هم صحابة عِظام سيكون مستقبل أحدهم في النار؟
ومرت السنين والأيام وهذه الكلمات لم تَغِب عن أذهان أحد منهم .
فمات كل هؤلاء الصحابة بفضل الله علىٰ خير على الشهادة والإسلام، ولم يبقَ منهم إلا أبا هريرة ، ورجلاً من بني حنيفة إسمه (الرَّجَّال بن عُنفوة)،
والرَّجَّال هو مِنَ الذين وفدوا علىٰ رسول الله في وفد بني حنيفة فأسلموا، فلزِم الرَّجَّال بن عنفوة النبيَّ ﷺ، وتعلم منه ، وحفظ القرآن والأحكام، وجَدّ في العبادة.
قال عنه عبدالله بن عمر :
*كان بالرَّجَّال بن عُنفوة من الخشوع ولزوم قراءة القرآن والخير شيء عجيب*
وقال عنه أيضاً :
*كان من أفضل الوفد عندنا ، كان حافِظاً قوّاماً صوّاماً*..
وظل إخبارُ النبيﷺ عَالِقًا برأس أبي هريرة رضي اللّه عنه، وكُلما رأىٰ"الرَّجَّال بن عنفوة " ومداومته على العبادة وزُهده ..
ظن أبو هريرة عن نفسه أنه هو الهالك وأنه هو المقصود بحديث النبي ﷺ وأنه هو الذي سيكون ضرسه أثقل من أحد يوم القيامه ، وأنه هو صاحب النبوءة وأصابه الرعب والفزع فلم يبقىٰ أحدًا إلا ومات ماعدا هو والرجال وكان الأخير زاهد عابد مؤمن فَمَنْ سيكون بالنار غيره ، واستمرت هذه الوساوس تسيطر عليه ،
فلما ظهر مُسيلمة الكذاب في اليمامة وادّعىٰ النبوة واتّـبعه خلقٌ من أهل اليمامة، بعث أبو بكر الصديق الرَّجال بن عنفوة لأهل اليمامة يدعوهم إلىٰ الله فالرَّجَّال كان من خيرة الناس وأتقاهم ، فذهب ليثبتهم علىٰ الإسلام، فلما وصل إلى اليمامة التقاه مسيلمة الكذاب، وأكرمه ، وأغراه بالمال والذهب .
لكن الرَّجَّال رفض هذه الأمور رغم حاجته لها ، فرأى مُسيلمة أن الرَّجال قلبه سيميل لو ضغط عليه وأغراه أكثر فقرر أن يعرض عليه نصف مُلكه إذا خرج إلىٰ الناس وقال لهم إنه سمع محمداًﷺ يقول :
إن مُسيلمة شريك له في النبوة وهنا كانت بداية النهاية للرجال بن عنفوة فلما رأى نعيم مسيلمة وكان هو من فقراء العرب ..
ضعُف ونسي إيمانه وصلاته وزهده، وخرج إلى الناس الذين كانوا يعرفون أنه من رفقاء النبي ﷺ وأنه من أكثر الناس عبادة وإيمانًا، فشهد كَذِبًا أنه سَمِع النبيّﷺ يقول :
إنه قد أَشْرَكَ معه مُسيلمة في النبوة، وبسبب كذبته هذه اتبعه الآلاف في أقل من نصف يوم فكانت فتنة الرجال أشد من فتنة مسيلمة نفسه .
فبعث أبو بكر الصديق جيش لمحاربه مسيلمة بقيادة خالد بن الوليد وهزم المسلمين مسيلمة وجيشه ومات مسيلمة ومات الرجال بن عنفوة على الشرك والكفر بعد أن كان مُلازمًا للنبيﷺ مؤمنًا بالله ورسوله، فلمّا وصل هذا الخبر إلىٰ أبو هريرة سجد باكيًا من الفرحة وتحقق ماقاله رسول الله وأدرك أنه نجا .
فلا تغتر بعبادتك، وصلاتك، وصيامك، وزكواتك، وصدقاتك ولا تمنن تستكثر، وادع اللّه بأن يُثبِّتك بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يـختم لك بخير، ولاتحقرن أحدًا بذنبه أو لذنبه، وادع اللّه أن يتوب عليه، ولا تُظهر الشماتة بأخيك المسلم فيعافيه اللّه ويبتليك! فأنت لا تعلم ماذا كُتب في اللوح المحفوظ والعِبرة دائمًا بالخواتيم!
*واحة القصص*
BY كل يوم قصة
Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 283
Share with your friend now:
tg-me.com/qasah/16670