tg-me.com/ibntaimiia/29695
Last Update:
#من_تفسير_السعدي_مختصرا
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً ) هذه الصيغة من صيغ الامتناع، أي: يمتنع ويستحيل أن يصدر من مؤمن قتل مؤمن متعمدا ثم استثنى تعالى قتل الخطأ فقال( إِلا خَطَأً ) فإن المخطئ الذي لا يقصد القتل غير آثم، ولا مجترئ على محارم الله، ولكنه لما كان قد فعل فعلا شنيعا وصورته كافية في قبحه وإن لم يقصده أمر تعالى بالكفارة والدية( وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً ) سواء كان القاتل ذكرًا أو أنثى حرًّا أو عبدًا، صغيرًا أو كبيرًا، عاقلا أو مجنونًا، مسلمًا أو كافرًا وسواء كان المقتول ذكرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرا فإن على القاتل ( تحرير رقبة مؤمنة ) كفارة لذلك، تكون في ماله (وَدِيَةٌ ) وأما الدية فإنها تجب على عاقلة القاتل في الخطأ وشبه العمد( مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ ) جبرًا لقلوبهم، والمراد بأهله هنا هم ورثته ( إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا ) يتصدق ورثة القتيل بالعفو عن الدية، فإنها تسقط( فَإِنْ كَانَ ) المقتول ( مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ ) من كفار حربيين ( وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ) وليس عليكم لأهله دية، لعدم احترامهم في دمائهم وأموالهم( وَإِنْ كَانَ ) المقتول ( مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ) وذلك لاحترام أهله بما لهم من العهد والميثاق ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ) الرقبة ولا ثمنها، بأن كان معسرا بذلك( فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ) لا يفطر بينهما من غير عذر، فإن أفطر لعذر فإن العذر لا يقطع التتابع، كالمرض والحيض ونحوهما. وإن كان لغير عذر انقطع التتابع ووجب عليه استئناف الصوم( تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ ) هذه الكفارات التي أوجبها الله على القاتل توبة من الله على عباده ورحمة بهم، وتكفير لما عساه أن يحصل منهم من تقصير وعدم احتراز( وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) كامل العلم كامل الحكمة، لا يخفى عليه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، في أي وقت كان وأي محل كان
( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ )
تقدم أن الله أخبر أنه لا يصدر قتل المؤمن من المؤمن، وأن القتل من الكفر العملي، وذكر هنا وعيد القاتل عمدا ألا وهو الإخبار بأن جزاءه جهنم فهذا الذنب العظيم قد انتهض وحده أن يجازى صاحبه بجهنم (خالدا فيها) الصواب في تأويلها ما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله فإن هذه النصوص وأمثالها مما ذكر فيه المقتضي للعقوبة وانتفاء موانعه وغاية هذه النصوص الإعلام بأن كذا سبب للعقوبة ومقتض لها، وقد قام الدليل على ذكر الموانع فالتوبة مانع بالإجماع، والتوحيد مانع بالنصوص المتواترة التي لا مدفع لها، والحسنات العظيمة الماحية مانعة، والمصائب الكبار المكفرة مانعة، وإقامة الحدود في الدنيا مانع بالنص، ولا سبيل إلى تعطيل هذه النصوص فلا بد من إعمال النصوص من الجانبين ومن هنا قامت الموازنة بين الحسنات والسيئات، اعتبارًا بمقتضي العقاب ومانعه، وإعمالا لأرجحها .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا ) يأمر تعالى عباده المؤمنين إذا خرجوا جهادًا في سبيله وابتغاء مرضاته أن يتبينوا ويتثبتوا في جميع أمورهم المشتبهة فإن الأمور قسمان: الواضحة البيِّنة لا تحتاج إلى تثبت وتبين وأما الأمور المشكلة غير الواضحة فإن الإنسان يحتاج إلى التثبت فيها والتبين، ليعرف هل يقدم عليها أم لا ( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ) فلا يحملنكم العرض الفاني القليل على ارتكاب ما لا ينبغي فيفوتكم ما عند الله من الثواب الجزيل الباقي
( كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ) فكما هداكم بعد ضلالكم فكذلك يهدي غيركم، وكما أن الهداية حصلت لكم شيئًا فشيئًا، فكذلك غيركم ولهذا أعاد الأمر بالتبين( فَتَبَيَّنُوا ) حتى يتضح له الأمر ويتبين الرشد والصواب ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) فيجازي كُلا ما عمله ونواه، بحسب ما علمه من أحوال عباده ونياتهم
تمّ تفسير الوجه بحمد الله و منّته
https://www.tg-me.com/us/telegram/com.ibntaimiia
BY قناة ابن تيمية العلمية

Share with your friend now:
tg-me.com/ibntaimiia/29695