tg-me.com/hakaik1/1051
Last Update:
❀ قال الإمام ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله :
◄للإنسانِ قوَّتانِ:
↲ قوةٌ علميةٌ نظريةٌ، وقوةٌ عمليةٌ إراديةٌ.
وسعادتُهُ التامَّةُ موقوفةٌ على استكمال قوَّتيهِ العلميةِ والإرادية.
↲واستكمالُ القوةِ العلميةِ إنَّما يكونُ:
◄بمعرفة فاطرِهِ وبارئِهِ،
◄ومعرفةِ أسمائِه وصفاتِه وأفعالِه،
◄ومعرفة الطريق التي تُوصِلُ إليه
◄ومعرفة آفاتِها،
◄ومعرفةِ نفسِهِ ومعرفةِ عيوبِها؛
↲فبهذه المعارفِ الخمسة يحصُلُ كمالُ قوَّتِهِ العلمية، وأعلمُ الناس أعرَفُهم بها وأفقهُهم فيها.
↲واستكمالُ القوةِ العملية الإرادية لا يَحْصُلُ إلا بمراعاةِ حقوقِهِ سبحانَه على العبد والقيامِ بها إخلاصًا وصدقًا ونُصحًا وإحسانًا ومتابعةً وشُهودًا لمِنَّتِهِ عليه وتقصيرِهِ هو في أداءِ حقِّه؛ فهو مُسْتَحْي من مُواجَهتِهِ بتلك الخدمةِ؛ لعلمِهِ أنها دونَ ما يَستحقُّه عليه ودونَ دونِ ذلك، وأنَّه لا سبيل له إلى استكمال هاتين القوتين إلا بمعونتِهِ؛ فهو مضطرٌّ إلى أنْ يَهدِيَهُ الصراطَ المستقيمَ الذي هَدى إليه أولياءَهُ وخاصَّتَهُ، وأن يُجنِّبَهُ الخروج عن ذلك الصراطِ: إما بفسادٍ في قوتِهِ العلميةِ فيقعُ في الضَّلال، وإما في قوتِهِ العمليةِ فيُوجِبُ له الغضبَ.
↲فكمالُ الإنسانِ وسعادتُهُ لا تَتِمُّ إلا بمجموع هذه الأمور، وقد تضمَّنَتْها سورةُ الفاتحة وانتظمتْها أكمل انتظام:
◍↜فإنَّ قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)﴾ الفاتحة: ٢ - ٤ يتضمَّنُ الأصلَ الأول، وهو معرفةُ الربِّ تعالى ومعرفةُ أسمائِهِ وصفاتِه وأفعالِهِ. والأسماءُ المذكورةُ في هذه السورة هي أصولُ الأسماءِ الحسنى، وهي اسمُ اللهِ والربِّ والرحمن؛ فاسم الله متضمِّنٌ لصفات الألوهيَّةِ، واسمُ الربِّ متضمِّنٌ لصفاتِ الربوبيَّةِ، واسمُ الرحمن متضمِّنٌ لصفاتِ الإحسانِ والجودِ والبرِّ. ومعاني أسمائه تدورُ على هذا.
◍↜وقولُهُ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)﴾ الفاتحة: ٥ يتضمَّنُ معرفة الطريق المُوصِلةِ إليه، وأنها ليستْ إلَّا عبادتَهُ وحدَه بما يُحِبُّه ويرضاهُ واستعانتَهُ على عبادتِهِ.
◍↜وقولُهُ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)﴾ الفاتحة: ٦ يتضمَّن بيانَ أنَّ العبد لا سبيل له إلى سعادتِهِ إلا باستقامتِهِ على الصراطِ المستقيم، وأنَّه لا سبيلَ له إلى الاستقامةِ إلَّا بهداية ربِّه له؛ كما لا سبيلَ له إلى عبادتِهِ إلَّا بمعونتِهِ؛ فلا سبيلَ لهُ إلى الاستقامة على الصراط إلَّا بهدايتِهِ.
◍↜وقولُهُ: ﴿غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)﴾ الفاتحة: ٧ يتضمَّنُ بيانَ طرفَي الانحراف عن الصراط المستقيم، وأنَّ الانحراف إلى أحد الطرفين انحرافٌ إلى الضَّلال الذي هو فسادُ العلم والاعتقاد، والانحراف إلى الطرف الآخر انحرافٌ إلى الغضب الذي سببُهُ فسادُ القصدِ والعمل.
◄ فأول السورة رحمةٌ، وأوسطُها هدايةٌ، وآخرُها نعمةٌ.
وحَظُّ العبدِ من النعمةِ على قَدْرِ حَظِّهِ من الهداية، وحظُّه منها على قَدْرِ حظِّه من الرحمةِ. فعادَ الأمرُ كلُّه إلى نعمتِهِ ورحمتِهِ. والنعمةُ والرحمةُ من لوازم ربوبيَّتِهِ؛ فلا يكونُ إلا رحيمًا مُنعِمًا، وذلك من موجباتِ إلهيتِهِ؛ فهو الإله الحقُ وإنْ جَحَدَهُ الجاحدونَ وعدَلَ به المشركون. فمن تحقَّق بمعاني الفاتحةِ علمًا ومعرفةً وعملًا وحالًا؛ فقد فاز من كمالِهِ بأوفرِ نصيبٍ، وصارتْ عبوديتُه عبوديَّةَ الخاصَّةِ الذين ارتفعتْ درجتُهم عن عوامِّ المتعبِّدينَ. والله المستعان
◈ الفوائد، ص: ٢٥-٢٧
🌨️🌸
BY حقائق..
Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 283
Share with your friend now:
tg-me.com/hakaik1/1051