tg-me.com/YaSahiebALZaman/14863
Last Update:
الوداع
حينما انطلق أبو الفضل العباس ـ عليه السلام ـ كالسهم إلى المشرعة ، يحمل السقاء والسيف واللواء ، وقف الحسين ـ عليه السلام ـ على مقربة من المخيم يستشرف المعركة ، ولعل بعض النسوة من أهل البيت كن يرمقن وجه الحسين ـ عليه السلام ـ ، لان في وجهه كانت ترتسم صورة تلك المعركة الفاصلة .
يقتحم العباس المشرعة ، يفر المدافعون عنها فرار المعزى عن الأسد الهصور ، يحمل الماء ويأتي به . ولعل هذه الصور المشرقة كانت ترتسم في ملامح سيد الشهداء ـ عليه السلام ـ فتزداد اشراقا وانشراحا ..
ولكن العباس ـ عليه السلام ـ يختار طريقا قريبا إلى المخيم ، وهو طريق النخيل . فيكمن له الاعداء بينها ، وينادي عمر بن سعد بجنده البالغ عددهم ثلاثين ألفا ؛ لا تدعو العباس يصل إلى أصحاب الحسين ، فإنهم لو شربوا الماء لم ينج احد منكم من المقتل .
وهكذا تتعبأ كل القوات ضد البطل ؛ أربعة آلاف من الرماة يوجهون نبالهم على العباس .. وينتشر سائر المقاتلين بين النخيل ليحولوا بين العباس وبين المخيم . فيكمن بعضهم له بين النخيل ، ويقطعون يمينه ثم يساره ، ولكن العباس ينطلق كالسهم إلى المخيم لعله ينجح في مهمته التي أمره بها الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ .
كانت لحظات حاسمة ، وكانت السهام تتقاطر عليه كوابل من المطر ، وكان العباس ـ عليه السلام ـ يرتجز ويقول :
لا أرهب المـوت اذا الموت رقا * حتى أوارى في المصاليت لقى
نفسي لنفس المصطفى الطهر وقا * اني أنـا العباس اغدو بالسقا
ولا أخاف الشر يوم الملتقى 19
فجاء سهم فأصاب القربة واريق ماؤها ، ثم جاءه سهم آخر فأصاب صدره فانقلب عن فرسه وصاح إلى أخيه الحسين : أدركني .
فلما رأه صريعا بكى . وقال : " الان انكسر ظهري وقلت حيلتي " .
وقالت رواية : ضربه ملعون بعمود من حديد ، فلما رأه الحسين ـ عليه السلام ـ انشأ يقول :
تعديتم يا شـر قـوم ببغيكـم * وخالفتم ديـن النبـي محمــد
اما كان خير الرسل اوصاكم بنا * اما نـحن من نجل النبي المسـدد
اما كانت الزهراء أمي دونـكم * اما كان من خير البريـة أحمـد
لعنتم وأخزيتـم بمـا قد جنيتـم * فسوف تلاقوا حر نـار توقـد 20
وعاد الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ إلى المخيم ، وارتسمت على محياه علامات حزينة .
لقد فقد نصيره الأول ، وصاحب لواءه ، والعلامة من عسكره . تقول الرواية انه لم يخبر النسوة بمصرع أخيه العباس وانما تقدم نحو خيمته ، وأنام عمودها وبهذه العلامة عرفت النسوة ان صاحب هذه الخيمة قد استشهد .
وقد أجاد الشاعر حين قال :
عمد الحديد بكربلاء خسف القمر من هاشم فلتبكه عليا مضرفمشى اليه السبط ينعــاه كسر ت الان ظهري يأ أخي ومعيني
فسلام الله عليك يا أبا عبد الله ، وسلام الله على أخيك وناصرك العباس ، وعلى الدماء السائلات بين يديك ورحمة الله وبركاته .
السيد محمد تقي المدريسي✍
BY مجربات لقضاء الحوائج وكشف الهموم ٍ

Share with your friend now:
tg-me.com/YaSahiebALZaman/14863