Telegram Group Search
"الحج أمن وسلام"

رسالة إلى حجاج بيت الله الحرام

‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
‏والحمد الله الذي يسر الله لكم حج بيته العتيق، الذي هو أول بيت ومسجد بني في الأرض لعبادة الله وحده لا شريك له، الحسنة فيه بمئة ألف حسنة، والصلاة فيه بمئة ألف صلاة، والصدقة بدينار بمئة ألف دينار، والسيئة فيه أشد حرمة وأعظم عند الله، ﴿ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم﴾.
‏فكل من هم فيه بإلحاد وشرك وكفر أو إحداث بظلم وعدوان وإثم فله عذاب أليم.
‏فالبيت الحرام أمن وأمان وسلم لكل من دخله يريد الحج والعمرة ﴿ومن دخله كان آمنا﴾ فالواجب على الجميع سواء الحجاج أو القائمين على شئون الحج وتنظيمه وإدارته التعاون على جعله أمنا وأمانا.
‏ويحرم شرعا الإخلال بالأمن فيه، أو إثارة الفتن السياسية والطائفية، أو مخالفة الأنظمة والقوانين التي تحقق المصلحة العامة للحجاج.
‏فهنيئا لكم أن يسر الله لكم السبيل إليه، وتقبل الله منكم حجكم، وصالح عملكم.

‏وعلى الحاج في هذه الأيام المعلومات المعدودات في الحج من الإكثار من العمل الصالح ﴿وتزودوا فإن خير الزاد التقوى﴾ والمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، ومن الإكثار من التلبية وذكر الله في كل وقت وبعد الصلوات تكبيرا وتهليلا وتحميدا، فهو عبادة الحاج، وبالإكثار من ذكر الله تتحقق التقوى وهي غاية الحج.

‏وليحرص الحاج على أن يكون حجه مقبولا مبرورا كما في الحديث: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) وذلك بأن يجعل حجه خالصا لله لا يريد به إلا وجهه ورضاه وحده لا شريك له، وليأت بأركانه وواجباته على أكمل وجه، ويحرص ما استطاع على سننه ومستحباته وهي:
‏١- الإحرام من الميقات:
‏فإذا جاء الميقات اغتسل أو توضأ، ولبس إحرامه، وصلى ركعتين في مسجد الميقات، فإذا ركب السيارة أحرم بالحج -من الميقات- وهو نية الدخول في النسك وأهل به، ولبى (لبيك اللهم حجا)، إن كان مفردا للحج، أو لبيك عمرة بحج، إن كان قارنا بينهما، أو لبيك اللهم عمرة متمتعا بها إلى الحج، ويجهر بالتلبية، فإذا دخل المسجد طاف المفرد والقارن بالبيت سبعا، طواف القدوم، ثم سعيا بين الصفا والمروة سبعا سعي الحج.
‏ويطوف المتمتع بالبيت سبعا ويسعى بين الصفا والمروة سبعا لعمرته، ويقصر شعره، ويتحلل المتمتع من عمرته فإذا جاء يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة، اغتسل أو توضأ، ولبس إحرامه، ولبى بالحج من مكان إقامته، وذهب إلى منى، أو يحرم ويلبي بالحج يوم عرفات.
‏ويتجنب المحرم محظورات الإحرام من لبس المخيط، والطيب، والنساء، وأخذ الشعر والظفر.
‏وتتجنب المرأة لبس القفازين والنقاب، وتسدل على وجهها ما يستره عند وجود الرجال الأجانب فإذا ابتعدوا رفعته.
‏ويتجنب الحاج الرفث والجدل والفسوق ﴿فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج﴾، فيتجنب اللغو والقيل والقال، والاختلاط بالناس بلا حاجة، ويتجنب النظر المحرم، وليحفظ لسانه فلا يقل إلا خيرا وصدقا، ولا يفتر عن ذكر الله.

‏٢- الوقوف بعرفات:
‏فإذا وقف بعرفات وهو ركن الحج كما قال ﷺ (الحج عرفة) عمر وقته كله بالدعاء والتضرع إلى الله بالاستغفار والتوبة وسؤاله الجنة، كما في الحديث: (خير الدعاء؛ دعاء يوم عرفة)، والإكثار من ذكر الله والتهليل، كما في الحديث نفسه: (وخير ما قلت أنا والنبيون قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)..
‏وليتأكد أنه في حدود عرفات -فلا يقف خارجها- حتى تغيب الشمس، فيدفع مع الناس.

‏٣- الوقوف بمزدلفة:

‏فإذا جاء الحاج إلى مزدلفة صلى المغرب والعشاء جمعا وقصرا وأوتر بركعة، ثم بات فيها، ولا يسهر، ولا ينشغل بغير ذكر الله، فإذا صلى الصبح أكثر من الدعاء بعد الصلاة حتى إذا أسفر جدا دفع مع الناس قبل طلوع الشمس، إلا من كان معه نساء وأطفال وعجزة فلهم الدفع من مزدلفة بعد نصف الليل إذا غاب القمر.

‏٤- الرمي والنحر والإفاضة يوم الحج الأكبر:

‏ثم يمضي الحاج إلى منى يوم الحج الأكبر وهو يوم النحر، فيرمي الجمرة الكبرى، ويذبح القارن والمتمتع هديه إن كان معه هدي، ويحلق أو يقصر شعره، فيتحلل الحل الأول، ويلبس ثيابه، ثم يذهب إلى البيت متى تيسر له ويطوف به سبعة أشواط طواف الحج والإفاضة وهو من أركان الحج، ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، إن كان متمتعا، أما القارن والمفرد فلا يجب عليهما سعي الصفا إن سعيا للحج بعد طواف القدوم.
‏فيتحلل الحاج الحل كله.

‏٥- أيام التشريق بمنى:
‏ويعود إلى منى ويبقى فيها لرمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني والثالث للعيد، وهما الأول والثاني من أيام التشريق، ويعمرها بذكر الله كما قال تعالى: ﴿واذكروا الله في أيام معدودات﴾ ثم إن شاء تعجل، ونفر بعد رمي الجمرات، وإن شاء تأخر إلى اليوم الرابع للعيد وهو الثالث من أيام التشريق، فإذا رمى الجمرات نفر، وطاف بالبيت طواف الوداع.

https://www.tg-me.com/DrHakem_books/52
﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
#نظرات_قرآنية في #سورة_الزمر

- ﴿أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابيعَ فِي الأَرضِ ثُمَّ يُخرِجُ بِهِ زَرعًا مُختَلِفًا أَلوانُهُ ثُمَّ يَهيجُ فَتَراهُ مُصفَرًّا ثُمَّ يَجعَلُهُ حُطامًا إِنَّ في ذلِكَ لَذِكرى لِأُولِي الأَلبابِ ۝ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدرَهُ لِلإِسلامِ فَهُوَ عَلى نورٍ مِن رَبِّهِ فَوَيلٌ لِلقاسِيَةِ قُلوبُهُم مِن ذِكرِ اللَّهِ أُولئِكَ في ضَلالٍ مُبينٍ ۝ اللَّهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَديثِ كِتابًا مُتَشابِهًا مَثانِيَ تَقشَعِرُّ مِنهُ جُلودُ الَّذينَ يَخشَونَ رَبَّهُم ثُمَّ تَلينُ جُلودُهُم وَقُلوبُهُم إِلى ذِكرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهدي بِهِ مَن يَشاءُ وَمَن يُضلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ﴾ [الزمر: ٢١-٢٣]

🔹 استطردت هذه الآيات في الاستدلال بالخلق على قدرة الخالق -واستحقاقه وحده العبادة والطاعة، وإخلاص الدين له- بما لا يستطيع العقل المكابرة فيه، وهو نزول المطر من السماء، وجاءت بصيغة الاستفهام ‏﴿ألم تر﴾ التي تقتضي استحضار البصر بالرؤية والمشاهدة، واستحضار البصيرة والتفكر بالعقل للوصول إلى الحقيقة وهي ‏﴿أنّ الله﴾ وحده وليس غيره ‏﴿أنزل من السماء﴾ وهو السحاب ‏﴿ماء﴾ به تكون الحياة وتدوم، وهو ما لا يدّعي أحد غير الله أنه خلقه وأنزله وأحيا به الأرض بعد موتها، وهو ما استقرت دلائله في الفطرة، وما يقضي به العقل، وليس ثَمّ أحد يُعزى إليه ذلك أو يدّعيه إلا الله وحده كما أخبرت به كتبه ورسله، وكما يحكم به العقل بداهة بأن لكل مخلوق خالقا متعاليا، وإلا ما يدّعيه الماديون من أن ذلك فعل الطبيعة، وهي مادة صماء مفعول بها غير فاعلة ولا عاقلة، ولم تدّع الطبيعة ذلك لنفسها، ولا يتصور لها قدرة ولا إرادة على فعل ذلك، فضلا عن ادّعائه، فهم كمن يدّعي بأن الماء أنزل الماء، أو السحاب أنزل الماء، بلا فاعل قادر مريد، وهذا يفضي إلى الدور والتسلسل، وهو ممتنع عقلا، فلم يبق إلا الله سبحانه وتعالى الذي أنزل الماء من السماء ‏﴿فسلكه ينابيع في الأرض﴾ فيصبح مخزونا في باطنها ليفجر به ينابيعها، وتنبت زرعها وربيعها، حال كونه ‏﴿مختلفا ألوانه﴾، فتزدان به الأرض جمالا وخضرة وبهجة ﴿ثم يهيج﴾ ويبلغ ذروة نباته واستحصاده ‏﴿فتراه مصفرا ثمّ يجعله حطاما﴾ كأن لم يكن من قبل شيئا، لتبدأ دورة جديدة من الحياة والموت للأرض ومن عليها من نبات وحيوان وإنسان، ‏﴿إنّ في ذلك لذكرى لأولي الألباب﴾ ليعرفوا حقيقة هذه الحياة ونهايتها، وعدم الافتتان بها، وإنما التفكر في عظمة الخالق لها، وعبادته وطاعته.

🔹 وكما أنزل الله المطر حياة للحيوان، فقد أنزل القرآن حياة للنفوس والأرواح، فهو يحييها كما يحيي المطر الأرض، كما شبهه بذلك النبي ﷺ في الحديث الصحيح: (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا..)، ولهذا جاء المثل به بعده مباشرة ‏﴿أفمن شرح الله صدره للإسلام﴾ بنزول القرآن، فأنبت فيه التقوى والإيمان والصلاح، والتعبير بالشرح للصدر والاتساع حقيقة يجدها كل مؤمن في نفسه، خاصة من كان كافرا فآمن واهتدى، أو فاسقا فتاب واتقى، فيجد في صدره راحة وانشراحا لا يجده غيره ‏﴿فهو على نور من ربه﴾ الذي أخرجه من الظلمات التي كان فيها، إلى سبيل الله ونوره الذي هدى إليه المؤمنين، وحذف خبر المبتدأ ‏﴿أفمن﴾ لظهوره، وتقديره (كمثل من ضل عن الإيمان وضاق صدره وقسا قلبه)، ودل عليه قوله: ‏﴿فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله﴾ فالقساوة للقلوب وتحجرها، يؤكد ضيق الصدور وانطباقها، بحيث لا يجد نور الوحي ما ينفذ إليها منه، فهي قاسية خالية خاوية ‏﴿من ذكر الله﴾، أو نافرة عنه، فلا سبيل إلى هدايتها أو تخلل النور إليها، ويحتمل أن يكون ‏﴿من ذكر الله﴾ تعليلا، وأن هذه القسوة كانت بسبب ذكر الله وهو القرآن، حين سمعوه فأعرضوا عنه، وكفروا به، فقست قلوبهم عقابا لهم ‏﴿أولئك في ضلال مبين﴾، فزادهم ذلك ضلالا وإعراضا وقسوة ‏﴿ولا يزيد الظالمين إلا خسارا﴾[الإسراء:٨٢].
🔹 وهذا السؤال وجوابه في حد ذاته دليل ظاهر من دلائل إعجاز القرآن، وأنه من عند الله، إذ لو لم يجد المشركون الجاهليون الذين آمنوا وأسلموا هذا الشعور بالضيق في الصدور في زمن كفرهم، والانشراح فيها، والاطمئنان في قلوبهم بعد إيمانهم ودخولهم الإسلام، لكان ذلك أدعى للشك في صدق القرآن، بينما هو يقرر هذه الحقيقة التي يجدها كل مؤمن فعلا في نفسه سرورا وراحة، وفي صدره انشراحا، وفي قلبه اطمئنانا، وهو إحساس لا يمكن المكابرة فيه، فلا يستطيع المؤمن نفيه، لشعوره به دائما، فإذا عصى وأسرف شعر بالانقباض والضيق، وإذا تاب وأصلح شعر بالرضا والسرور، وكذلك لا يستطيع غير المؤمن نفيه؛ لأنه لم يؤمن فيجرب هذا الإحساس الذي يغمر النفس بعد الإيمان، وقد تكرر ذلك بصيغة التقرير لا الاستفهام في قوله تعالى: ﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون﴾ [الأنعام: ١٢٥].

🔹 ثم قابل هذه القسوة في قلوب الكافرين، بحال اللين في قلوب المؤمنين، وأثر الوحي فيها خشية وإنابة ﴿الله نزّل أحسن الحديث﴾ وهو القرآن العظيم، فهو أحسن ما أوحى الله به إلى عباده، من حيث أنه أكمل كتبه وأوضحها، وخاتمها وأشملها وأفصحها، خاطب الله به الأمم كلها، على اختلاف أديانها وألسنتها، بأفصح لسان، وأوضح بيان، ‏﴿كتابا﴾ محفوظا في السطور كما هو محفوظ في الصدور، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ‏﴿متشابها﴾ يصدق بعضه بعضا، وتأتلف آياته وسوره مع طول مدة نزوله منجما، وكأنه سورة واحدة، فهو متشابه في الأسلوب والنظم، فلا تفاوت في سوره في إعجازها البياني، فهي كلها نمط واحد من حيث قوة السبك، ودقة اللفظ، وجمال الأسلوب، وكذلك متشابه في القضية والموضوع، فأخباره يصدق بعضها بعضا، وأحكامه يفصل بعضها بعضا، لا يجد سامعه ولا قارئه أن فيه ما ليس منه، ‏﴿مثاني﴾ فهو مثاني كله، من حيث أنه يُثنى به على الله ويمجد به، ويصلى به الصلوات كلها، ومثاني كله لأن سوره وآياته تُكرر وتُعاد، فلا يخلق، ولا يبلى، ولا يُمل منه على كثرة الترداد له، ‏﴿تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم﴾ ولفظ تقشعر من مفردات هذه السورة، ولم يرد في القرآن كله إلا فيها، وأسند الاقشعرار للجلود، وهو رعدة ونفضة يقف منها شعر العبد، ويضطرب جلده، من خشية الله؛ للدلالة على شدة وقع القرآن وأثره على نفوس المؤمنين وقلوبهم، عند سماعه وتلاوته وتدبره، وهي حال لا يوجد مؤمن قط إلا وشعر بها في نفسه، ‏﴿ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله﴾ وأسند اللين للقلوب وهو ضد قسوتها، وللجلود وهو ضد خشونتها، وعداه بحرف (إلى) حيث ضمن (تلين) فعل (تميل) إلى ذكر الله، و(تطمئن) إليه، وهذا فعل للقلوب، لا للجلود، فكأنه قال ثم تلين جلودهم بذكر الله، وتلين قلوبهم وتميل وتطمئن إلى ذكر الله، فعبّر بأوجز لفظ، وأبلغ بيان، عن أثر القرآن، في نفوس أهل الإيمان، في ظواهرهم وبواطنهم، فيهزهم بوعظه ووعيده حتى تقشعر جلودهم من خشيته وعقابه، ويرقق قلوبهم بوعده حتى تطمئن إليه وترجو رحمته وثوابه، ‏﴿ذلك هدى الله﴾ إشارة إلى القرآن الذي هدى الله به المؤمنين، أو إشارة إلى كيف يحدث أثر الهداية به في النفوس، ‏﴿يهدي به من يشاء﴾ برحمته وفضله، ‏﴿ومن يضلل الله﴾ بحكمته وعدله ‏﴿فما له من هاد﴾، فلا يحتاج الداعية إلا إلى القرآن لدعوة الخلق إلى الله، كما أُمر النبي ﷺ: ‏﴿وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين﴾ [النمل:٩٢].

#تدبر

📎مجموع النظرات

https://tinyurl.com/542d9uef

﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
نظرات [سورة الزمر٢١-٢٣].jpg
3 MB
#نظرات_قرآنية في سورة الزمر

- ﴿أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابيعَ فِي الأَرضِ ثُمَّ يُخرِجُ بِهِ زَرعًا مُختَلِفًا أَلوانُهُ ثُمَّ يَهيجُ فَتَراهُ مُصفَرًّا ثُمَّ يَجعَلُهُ حُطامًا إِنَّ في ذلِكَ لَذِكرى لِأُولِي الأَلبابِ ۝ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدرَهُ لِلإِسلامِ فَهُوَ عَلى نورٍ مِن رَبِّهِ فَوَيلٌ لِلقاسِيَةِ قُلوبُهُم مِن ذِكرِ اللَّهِ أُولئِكَ في ضَلالٍ مُبينٍ ۝ اللَّهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَديثِ كِتابًا مُتَشابِهًا مَثانِيَ تَقشَعِرُّ مِنهُ جُلودُ الَّذينَ يَخشَونَ رَبَّهُم ثُمَّ تَلينُ جُلودُهُم وَقُلوبُهُم إِلى ذِكرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهدي بِهِ مَن يَشاءُ وَمَن يُضلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ﴾ [الزمر: ٢١-٢٣]


https://www.tg-me.com/قناةأدحاكمالمطيري/com.DrHAKEM/12969
📎
https://www.tg-me.com/قناةأدحاكمالمطيري/com.DrHAKEM/12970
📎
https://tinyurl.com/542d9uef

﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
لزوم المساجد يوم عرفة، والرباط فيها، والإكثار من الدعاء، والذكر، وتذكير الناس في درس أو خطبة، كل ذلك مشروع مندوب، وأحرى لقبول الدعاء، وقد ثبت عن عدد من الصحابة في البصرة كابن عباس، وعمرو بن حريث، وهم أعلم بالمشروع والمندوب، وإن لم يثبت سنة عن النبي ﷺ، فهو يدخل في عموم النصوص الواردة في فضل هذه الطاعات، وفي يوم عرفة أفضل، لفضيلة الزمان، وهو مذهب الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وأجازه الإمام أحمد وغيره، وكره الإمام مالك اجتماع الناس فيه للدعاء الجماعي، وتخصيص رجال يدعون لهم في المسجد يوم عرفة، وهذا قدر زائد عن الوارد عن ابن عباس، وابن حريث..
﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
﴿فَإِذا أَفَضتُم مِن عَرَفاتٍ فَاذكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشعَرِ الحَرامِ وَاذكُروهُ كَما هَداكُم وَإِن كُنتُم مِن قَبلِهِ لَمِنَ الضّالّينَ﴾ [البقرة: ١٩٨]

فرغ الحجاج الليلة من ركن الحج الأهم وهو الوقوف بعرفات وأفاضوا إلى مزدلفة، للوقوف عند المشعر الحرام وأداء صلاة الفجر فيها، وهو واجب، وقيل ركن، فمن فاته الوقوف بعرفات نهارا ووقف فيها الليلة ولو دقائق قبل دخول وقت الفجر من يوم العيد فقد أدرك الحج، وأدرك عرفات، فيذهب مباشرة ويقف في مزدلفة ويصلي الصبح فيها ويدعو قبل طلوع الشمس، فإن خشي طلوع الشمس صلى الصبح في الطريق، ومر بالمزدلفة ودعا فيها ولو بعد طلوع الشمس -ولا شيء عليه إن كان معذورا لشدة الزحام- ثم يمضى إلى منى لرمي الجمرة..

https://video.twimg.com/amplify_video/1802066461038444544/vid/avc1/640x360/WCB5lIz_HglVmbc5.mp4

﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
تعظيم شعائر الله
‏من تقوى القلوب


‏هنيئا حجاج بيت الله حجكم
‏وهنيئاً لمن عظم حرمات الله
‏وهنيئاً لمن عظم شعائره
‏قال تعالى: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ﴾ [الحج: ٣٠]
‏وقال سبحانه: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾ [الحج: ٣٢]
‏وقال النبي ﷺ: (ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة، إنه ليدني، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء).
‏وقال: (إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي، جاؤوني شعثا غبرا).
‏وقال: (ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام، إلا ما أري يوم بدر قيل وما رأى يوم بدر يا رسول الله؟ قال: أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة).
‏وقال: (ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي، جاؤوني شعثا غبرا ضاجين، جاؤوا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ولم يروا عقابي، فلم ير يوما أكثر عتقا من النار، من يوم عرفة).
‏فالواجب على المسلمين جميعا تعظيم شعائر الله هذه الأيام فهي أعظم شعائر الإسلام وهي خامس أركانه وبها تتجلى أمتهم الواحدة وأخوتهم ووحدتهم على اختلاف قومياتهم وأوطانهم وألوانهم وحقيقة رسالة الله لهم بالإعلان عن توحيده وعبادته وحده لا شريك له وترك كل دين سوى دينه.
‏ويجب على كل مسلم تعظيم حرمات الله وشعائره وأيامه وحرمة حجاج بيته وضيوفه وهم يؤدون ركنا من أركان دينه فلا يخيفهم ولا يروعهم ولا يصدهم عنه بفعل أو قول ولا يثير الفتن بينهم وقد نهاهم الله عن الجدال فيه.
‏ويجب على من استخف بالحج وشعائره وبالحجاج وكثرتهم وصفهم بأنهم غثاء -لعجزهم عن نصرة إخوانهم المستضعفين- أن يتوب إلى الله فإنه يخشى على من فعل ذلك الوعيد الوارد في الحديث: (رب كلمة لا يلقي لها العبد بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا).
‏وما زال المسلمون طوال تاريخهم يعظمون موسم حجهم وأيامه وحجاج بيت الله مع ما كانوا فيه من محن وفتن تعصف بأوطانهم وما يتعرضون له من ظلم وطغيان داخلي ومن عدوان خارجي فلا يزيدهم ذلك إلا تعظيما للحج والدعوة إلى إقامته وقصد البيت الحرام وإعماره بالحج والعمرة والاعتكاف والطواف، كما لم يمنعهم احتلال العدو الكافر لبلدانهم من إقامة صلاتهم وإعمار مساجدهم.
‏فليتق الله كل مسلم أن يستخف بركن من أركان الإسلام وشعيرة من أعظم شعائره بدعوى نصرة المستضعفين أو بذريعة مواجهة الظالمين، فلا هو نصر ضعيفا ولا أنصف مظلوما ولا أقام دينا.

أ.د. حاكم المطيري
الأمين العام لمؤتمر الأمة

﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
عيدكم مبارك
‏وتقبل الله طاعتكم
‏وحج مبرور
‏وسعي مشكور
﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
Forwarded from د. خالد حمدي
تخيلوا أن طائرات وسفن شحن الأسلحة للكيان الغاصب لم يوقفها أولياؤه يوما منذ تسعة أشهر…
بينما لم تصل لأهل الأكناف رصاصة واحدة من الأنظمة المحيطة بهم وغير المحيطة!!
وطول المعارك يستنزف المخزون من العتاد مهما عظُم!!
وقد ثبت أنه لن يصمد المجاهدون إلا بدعم إخوانهم من عموم المسلمين..
فأعيدوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم شعارا لكم:
"من جهز غازيا فقد غزا"
ولا يقولن أحدكم: كيف يصل مالي وعتادي؟
فالذين أوصلوا أول العتاد لن يعدموا إيصال آخره..
المهم أن تعدوا جهاز الغزاة من الآن..
ولا بأس أن يشترك العديد من الناس في الجهاز الواحد..
ومعركة التحرير طويلة… ولا ينبغي أن يكون الكافر فيها أطول نفسا من المؤمن..
فلا يفوتن أحدكم أن يكون من أهلها ولو بثمن وجبة يصوم مكانها يوما..
فالمال عصب الدعوات والغزوات أيضا.
#خالد_حمدي
#نظرات_قرآنية في #سورة_الزمر

- ﴿أَفَمَن يَتَّقي بِوَجهِهِ سوءَ العَذابِ يَومَ القِيامَةِ وَقيلَ لِلظّالِمينَ ذوقوا ما كُنتُم تَكسِبونَ ۝ كَذَّبَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم فَأَتاهُمُ العَذابُ مِن حَيثُ لا يَشعُرونَ ۝ فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الخِزيَ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أَكبَرُ لَو كانوا يَعلَمونَ ۝ وَلَقَد ضَرَبنا لِلنّاسِ في هذَا القُرآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرونَ ۝ قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيرَ ذي عِوَجٍ لَعَلَّهُم يَتَّقونَ ۝ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَل يَستَوِيانِ مَثَلًا الحَمدُ لِلَّهِ بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمونَ﴾ [الزمر: ٢٤-٢٩]

🔹 ذكرت الآيات هنا جزاء من أضلّه الله، فلم يهتد إلى الحق، المذكور في الآية التي قبلها: ‏﴿ومن يضلل الله فما له من هاد﴾، وجاء ذكر الجزاء استفهاما عن حاله في مقابل حال من هداه الله، وذلك لتحقق وقوع الجزاء والعذاب به يوم القيامة، حتى لم يبق إلا الاستفهام عن أي حال الفريقين خير ﴿أفمن يتقي﴾ لهيب النار يوم القيامة، فيصد بوجهه يمنة ويسرة اتقاء لفحها فلا يقيه شيء، والباء في ‏﴿بوجهه﴾ للمجاوزة بمعنى حرف الجر (عن)، كما في قوله تعالى:‏ ‏﴿سأل سائل بعذاب واقع﴾[المعارج:١] يعني سأل عن عذاب واقع، وذهب عامة المفسرين إلى ظاهر الآية، وأنه يتقى النار بوجهه؛ لأنه مغلول اليدين والرجلين، فلم يبق ما يتقي به لهيب النار إلا وجهه، ويحتمل أن يكون يتقي ضُمّن معنى يستقبل، كما في قول عنترة في معلقته:
هر جنيب كلما عطفت له
غضبى اتقاها باليدين وبالفم
أي: كلما عطفت عليه الناقة استقبلها الهر بيديه وفمه.
فيكون المعنى أفمن يستقبل بوجهه سوء العذاب ولهيب النار.
والمعنى الأول أبلغ وأظهر، كما في قوله تعالى: ‏﴿تلفح وجوههم النار﴾[المؤمنون:١٠٤] فلا يجدون ما يتقون به، مهما حاولوا اتقاء الحريق بصرف وجوههم عنها، وذلك أنها تغشاها من كل مكان، ‏﴿وتغشى وجوههم النار﴾[إبراهيم:٥٠] فلا ينفعهم الاتقاء والالتفات يمنة ويسرة.

🔹 وخبر ‏﴿أفمن يتقي﴾ محذوف للعلم به وهو (خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة)، كما صرح به في قوله تعالى: ﴿إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير﴾ [فصلت: ٤٠].

🔹 وجاء التعليل لهذا الجزاء في قوله‏: ‏﴿وقيل للظالمين﴾ بسبب ظلمهم أنفسهم، وكفرهم بربهم ‏﴿ذوقوا ما كنتم تكسبون﴾، والذوق باللسان أشد إحساسا بالأشياء وصفاتها، سواء كانت برودة وحرارة، أو حلاوة ومرارة، واللسان أرهف الأعضاء شعورا، وأرقها إحساسا، فكان الذوق للنار جزاء ما كسبوا، أشد إيلاما وعذابا، وذوقوا أمر يراد منه الإذلال والإهانة لهم، ‏كما في قوله ﴿ذق إنك أنت العزيز الكريم﴾[الدخان:٤٩].

🔹 ثم ذكرت الآيات سنة الله المطردة في الظالمين، وأنها واحدة، لا تتبدل، ولا تتحول، وسيصيب مشركي مكة ما أصاب من قبلهم من الأمم ‏﴿كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون﴾ ومن حيث لا يظنون أنه يأتيهم، كما أرسل الله الريح الصرصر لعاد، والصاعقة لثمود، وكما خسف بقارون، وأغرق فرعون، وما كانوا يتوقعون شيئا من ذلك أبدا، وكذلك سيحل بمشركي العرب ما كانوا يستبعدون حدوثه لهم، فوقع لهم ما وعدهم الله به، فأخذهم يوم بدر ويوم الخندق بعذابه وعقابه وبأيدي المؤمنين، والكافرون يومئذ أكثر ما يكونون عدة وعددا، وأعز ما يكونون جمعا ورفدا، بعد أن أملى الله لهم، وأمدهم وأمهلهم، استدراجا لهم، كما قال تعالى: ﴿والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ۝ وأملي لهم إن كيدي متين﴾ [الأعراف: ١٨٢-١٨٣].
فغرهم تأخر العذاب؛ فزادهم طغيانا وكفرا، كما هو مشاهد في كل عصر ومصر، وكيف يطغى الظالمون حين يملي الله لهم، حتى إذا أخذهم لم يفلتهم، كما في الحديث: (إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته)، فلا يكاد يحل العذاب بظالم فينجو بعده، وهو ما حال بمشركي العرب، فقد أملى الله لهم خمسة عشر عاما، مدة البعثة في مكة، ثم تمامها بعد الهجرة، فكان يوم بدر يوم الفرقان، وتحقق وعيد الله، وصدق الله وعده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده ‏﴿فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا﴾ بقتل ساداتهم، وأسر سراتهم، وهزيمتهم، وشماتة الأعداء بهم، ‏﴿ولعذاب الآخرة أكبر﴾ من عذاب الدنيا، ‏حيث نار الجحيم، والعذاب الأليم، ‏﴿لو كانوا يعلمون﴾ وحذف معمول يعلمون لإفادة العموم، فهم لا يعلمون شيئا عما هم فيه من عماية، وعما هم عليه من غواية، وما هم صائرون إليه من نهاية، فلا هم يعلمون أنهم مشركون كافرون، ولا يعلمون أنهم سيحل بهم ما حل بالذين من قبلهم من القرون، ولا هم يعلمون سنن الله المطردة في الكافرين والظالمين.
🔹 ثم عاد الكلام إلى وصف القرآن والتنويه به، كما في سياق الآيات قبله في قوله تعالى: ‏﴿الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني﴾، وبيان أثره في نفوس من اهتدى به، ومن ضل وصد عنه، فقال: ‏﴿ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل﴾ وضرب الأمثال للناس هو ذكرها لهم وبيانها؛ ليعتبروا بها، ويقيسوا حالهم بحال أهلها، المضروب المثل بهم، والضرب للشيء هنا بمعنى إقامته، ونصبه، كما يقال ضرب خباءه وخيمته يعني أقامها ونصبها، كما قال الفرزدق:
ضربت عليك العنكبوت بنسجها
فيقيم المتكلم المثل وينصبه لفظا ليقرب للسامع المعاني الذهنية، بالأمثال الحسية، وهي من الحكمة، التي اشتهر العرب بها، حتى ضربوا المثل في كل شيء، وكان شعراؤهم وخطباؤهم يتحرون تضمين كلامهم الأمثال والحكم، وإصابة المحز في ضربها، كما فعل زهير بن أبي سلمى في آخر معلقته، فجاء في القرآن من ضرب الأمثال والحِكم ما أبهر عقولهم، وأعجز شعراءهم، وأفحم خطباءهم.
والمثل: الشبيه والنظير للشيء، وضرب الأمثال: نصبها وإقامتها للسامعين والتذكير بها.
وقوله: ‏﴿من كل مثل﴾ يحتاجون إليه في مواعظ القرآن والتذكير بالله، ووجوب توحيده، والعمل الصالح، وعاقبة المؤمنين والكافرين ‏﴿لعلهم يتذكرون﴾ ويتدبرون هذه الأمثال ويعقلون الحكمة منها، فيتوبون، وهو ما حدث فعلا للمؤمنين، فاهتدوا بها، واتعظوا وتذكروا، وكان ضرب المثل لهم، بما حدث للأمم قبلهم، وبما جرى لهم، وعاقبة أمرهم، من أسباب هدايتهم وتذكرهم.

🔹 ثم نوه بشأن القرآن الذي ضرب لهم فيه الأمثال ‏﴿هذا القرآن﴾ والإشارة إليه تعريف له بأبلغ أساليب الحصر والتحديد، فلا ينصرف الذهن إلى غيره، وأنه أنزله عليهم حال كونه ‏﴿قرآنا﴾ يتلى ويقرأ، فلا يحتاجون لفهمه وتذكره إلا إلى سماع آياته، وتدبرها، ‏﴿عربيا﴾ نعت للقرآن وأن الله أنزله بأفصح لسان، وأوضح لغة وبيان، ينطق بها الإنسان، فالامتنان بعربيته امتنان إلهي عام على جميع الخلق، بأن خاطبهم الله في آخر رسالة للعالمين، بلسان عربي مبين، فلو كان لهم لغة أفصح من العربية لخاطبهم الله بها، ‏وكل ذلك رجاء هدايتهم ﴿لعلهم يتقون﴾ الله بالإيمان به وتوحيده وطاعته، ويتقون اليوم الآخر بالعمل الصالح.

🔹 ثم ضرب الله المثل للمشركين به والمؤمنين، بالمملوك بين سادة متشاكسين ‏﴿ضرب الله مثلا﴾ لهؤلاء المشركين وما هم عليه من الإشراك في طاعتهم وعبادتهم لغير الله الذي خلقهم ورزقهم ‏﴿رجلا﴾ مملوكا لعدد من الشركاء ‏﴿فيه شركاء﴾ كل منهم يريد من هذا المملوك طاعته وخدمته كما هو حال المشركين وأصنامهم وأربابهم البشرية والحجرية ‏﴿ورجلا﴾ آخر مملوكا ‏﴿سلما لرجل﴾ ليس له فيه شريك فهو سالم لسيده وحده فلا يخدم غيره، ولا يطيع سواه، وهو حال المؤمنين مع ربهم ‏﴿هل يستويان مثلا﴾ وحالا، وترك الجواب وهو النفي لأنه مما تقضي به العقول بداهة، وأنهما لا يستويان قطعا، وهو مثل يجده كل إنسان في نفسه كالوالد وولده، والزوج وزوجته، والصديق وخليله، فلا يقبل الوالد أن يعصيه ولده ويطيع غيره، أو يعقه ويبر سواه، فضلا عن عدوه، وكذا الزوج لا يقبل الشركة في زوجته، ولا تستقيم الخلة بين صديقين مع الشركة في الخلة، فضلا عن موالاة عدو خليله، كما في الصحيحين: (لو كنت متخذا أحدا خليلا، لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام).

🔹 وجاءت خاتمة الآية مناسبة لظهور الحجة بالمثل، وقيام البرهان على عدم استواء حال المؤمنين بالله، والمشركين به، ‏فقال بعده: ﴿الحمد لله﴾ فله سبحانه الحمد كله، فهو المحمود على كل حال، بهدايته للمؤمنين هداية توفيق وتبصير، وهدايته للكافرين به هداية إرشاد وتحذير، فأتم على المؤمنين النعمة وهداهم بفضله، وأقام على الكافرين الحجة، وأضلهم بعدله، حين اختاروا الشرك به على توحيده، وجحود نعمته على تمجيده، فيسر أولئك لليسرى، وهؤلاء للعسرى، ولا يظلم ربك أحدا، ولا يحتاج الله إلى حمد عباده، فله الحمد كله قبل أن يخلقهم، وحين خلقهم، وبعد خلقه لهم، ‏﴿بل أكثرهم لا يعلمون﴾ حق الله جل جلاله على عباده، واستحقاقه وحده للطاعة والعبادة، وأنه سبحانه غني عن الشركاء، وغني عن عبادة خلقه له، بل هم الفقراء إلى رحمته وعفوه، وإنما تتجلى آثار أسمائه الحسنى في هذا الوجود، حيث وسعه قدرة ورحمة وعلما، وعفوا وحلما، وحِكمة وحُكما.

#تدبر

📎مجموع النظرات

https://tinyurl.com/542d9uef

﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
نظرات [سورة الزمر ٢٤-٢٩].jpg
3.3 MB
#نظرات_قرآنية في سورة الزمر

- ﴿أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون ۝ كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ۝ فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ۝ ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون ۝ قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون ۝ ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون﴾ [الزمر: ٢٤-٢٩]


https://www.tg-me.com/قناةأدحاكمالمطيري/com.DrHAKEM/12977
📎
https://www.tg-me.com/قناةأدحاكمالمطيري/com.DrHAKEM/12978
📎
https://tinyurl.com/542d9uef

﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
#نظرات_قرآنية في #سورة_الزمر

- ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَيِّتونَ ۝ ثُمَّ إِنَّكُم يَومَ القِيامَةِ عِندَ رَبِّكُم تَختَصِمونَ ۝ فَمَن أَظلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدقِ إِذ جاءَهُ أَلَيسَ في جَهَنَّمَ مَثوًى لِلكافِرينَ ۝ وَالَّذي جاءَ بِالصِّدقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ المُتَّقونَ ۝ لَهُم ما يَشاءونَ عِندَ رَبِّهِم ذلِكَ جَزاءُ المُحسِنينَ ۝ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنهُم أَسوَأَ الَّذي عَمِلوا وَيَجزِيَهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ الَّذي كانوا يَعمَلونَ ۝﴾ [الزمر: ٣٠-٣٥]

🔹 بعد أن وصف الله كتابه بأنه قرآن عربي مبين -وأنه لا عوج فيه، ولا ميل، لا في ألفاظه فهي على وفق سنن الكلام العربي ولسانهم، وأفصح أساليبه وبيانهم، ولا ميل في معانيه عن الحق والعدل والصواب والحكمة- جاءت هذه الآيات لتخاطب النبي ﷺ بتقرير حتمية موته ﷺ على نحو لم يتكرر في القرآن كله، ولا جاءت آية أخرى بمثله، بقول: ‏﴿إنك ميت﴾ لتأكيد بشريته وعبوديته لله الواحد المحيي الميت، وهو ما يقتضي إخلاص الدين له وحده -وهو موضوع السورة الرئيس- وأنه ﷺ مع كونه رسولا نبيا إلا أنه مخلوق لله لا يملك لنفسه -فضلا لغيره- نفعا ولا ضرا، وأنه يجري عليه ما يجري على كل مخلوق ‏فانٍ ‏﴿كل نفس ذائقة الموت﴾[آل عمران:١٨٥]، إعلانا عن أبدية الله سبحانه واجب الوجود أزالا وأبدا، وأن كل ما سواه ميت ممكن الوجود والعدم، لا حياة له، إلا بقدر ما وهبه الله له من الحياة في هذا الوجود، فموت كل مخلوق وعدمه ذاتي، وحياته عرض طارئ.
فالإخبار عنه ﷺ بأنه ميت، وعنهم بأنهم ميتون، لا يحتاج إلى حمله على المستقبل، وأنه بمعنى أنك ستموت وأنهم سيموتون، بل هو على حقيقته وظاهره في الحال لا فقط في الاستقبال، وإلا لما جاء في تقرير هذه الحقيقة بحرف (إن)، ولما كافحه بكاف الخطاب تجريدا له، لأنه لم يسبق في وهم أحد لا النبي ﷺ ولا المشركين في مكة أنه ﷺ لن يموت، أو أنهم لن يموتوا، ليأتي بأسلوب التأكيد هنا، فلا يشك أحد منهم بأن الموت نهاية كل حي، وهو مستفيض في أشعار أهل الجاهلية، كما قال طرفة بن العبد:
لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى
لكالطول المرخى وثنياه باليدِ

وقال زهير بن أبي سلمى:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
وإن رام أسباب السماء بسلّمِ

وقال أبو ذؤيب الهذلي:
وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألفيت كل تميمة لا تنفع

فجاء تأكيد الآية لموت النبي ﷺ وموت خصومه بحرف (إن)، على أحد احتمالين:
الأول: على معنى أن هذا هو حقيقة حالهم في هذا الوجود الدنيوي، وهو ما لا يدركونه حسا، لسيطرة وهم الوجود عليهم، فجاء بحرف التأكيد بأنهم موتى لا حقيقة لوجودهم مقابل وجود الحق سبحانه وتعالى، فلا نسبة بين وجوده سبحانه ووجودهم، كما عبر عن ذلك الشاعر أبو الحسن التهامي بقوله:
فالعيش نوم والمنية يقظة
والمرء بينهما خيال سارِ

والثاني: خاطبهم بذلك كما لو كان فيهم من يشك في حدوث الموت وينكره، حتى احتاج للرد عليهم بتوكيده، فأنزلهم منزلة من هذه حاله، كما تقتضي البلاغة التي هي خروج الكلام وفق مقتضى الحال، وكأنهم لشدة خصومتهم للنبي ﷺ، وشدة عدائهم لدينه ودعوته وما جاءهم به، وكيدهم له، وانشغالهم به، مع ما جاءهم به من البينات والمعجزات قد نسوا الموت فلا يخطر لهم على بال، وهو الحد الفاصل الذي تنتهي به الخصومة بين المؤمنين بالله، والكافرين به.

🔹‏﴿ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون﴾، والاختصام: الاحتجاج بين الفريقين، حيث يخصم المؤمنون الكافرين يوم القيامة، وتظهر حجتهم، ويخصم المظلوم ظالمه، ويخصم المقتول قاتله، كما جاء في الحديث: (يجيء الرجل آخذًا بيد الرجل فيقول: يا رب هذا قتلني فيقول له: لم قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لك فيقول: فإنها لي، ويجيء الرجل آخذاً بيد الرجل فيقول: يا رب، إنَّ هذا قتلني فيقول الله: لم قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لفلان، فيقول الله تعالى: إنها ليست لفلان، فيبوء بإثمه).
وكذا يختصم الكافرون فيما بينهم، ويتبرأ بعضهم من بعض، كما قال تعالى عنهم: ﴿ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ۝ مناع للخير معتد مريب ۝ الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد ۝ قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد ۝ قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ۝ ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد﴾ [ق: ٢٤-٢٩]

🔹 ثم رتّب على الخصومة فيما بينهم بالحكم والفصل بفاء التفريع ‏﴿فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين﴾ وهذا حكم وفصل بين الفريقين، وأنه لا أظلم ولا أضل ممن كذب على الله فأشرك به، ونسب له الشريك والولد، وادعى أن الله أمرهم بما هم عليه من باطل وظلم وفحشاء ومنكر، وهم المثل الذي ضربه الله في الآيات التي قبلها في قوله: ‏﴿شركاء متشاكسون﴾، ولا أظلم ممن كذّب بالنبي ﷺ والوحي ‏﴿إذ جاءه﴾ فقامت به عليه حجة الرسول والبيان والبلاغ، فلا عذر لمثل هؤلاء، وليس لهم جزاء، إلا جهنم وبئس المصير.
🔹 ثم ذكر الفريق الثاني وهم النبي ﷺ والمؤمنون به ‏﴿والذي جاء بالصدق﴾ والصدق: الوحي والقرآن والحق من عند الله والذي جاء به هو النبي ﷺ، ﴿وصدق به﴾ والضمير المجرور بالباء يعود على النبي ﷺ وعلى الوحي، فأفرد الضمير والمراد (وصدق بهما)، وإنما أفردهما؛ لأن الرسول والرسالة كالشيء الواحد في تلازمهما، فمن صدق بالرسول صدق بالرسالة، ومن كذب بالرسالة كذب بالرسول، والذي صدق بهما هم المؤمنون من الصحابة ومن بعدهم إلى يوم القيامة، وأولهم أبو بكر الصديق، وخديجة، وعلي، وزيد بن حارثة، والمهاجرون، والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان ﴿أولئك هم المتقون﴾ وهذه شهادة من الله لهم باتصافهم بالتقوى، وتحققها فيهم، وقيامهم بها، وقيامها بهم، وحصرها فيهم، وقصرها عليهم، إذ لم يصدق بالنبي ﷺ والقرآن آنذاك إلا هم، ولم يتحل بصفة التصديق والإيمان أحد غيرهم.

🔹 ورتب على تحقق التقوى منهم، الجزاء الأخروي لهم، فقال: ‏﴿لهم ما يشاءون عند ربهم﴾ وهذا أعظم تكريم، أن وعدهم الله بكل ما يتمنونه عليه، وكل ما يرجونه منه، فجعل عطاءه له منوطا بمشيئتهم.

🔹 ‏﴿ذلك جزاء المحسنين﴾ والإحسان أكمل درجات التقوى والإيمان، كما قال النبي ﷺ: (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك)، وهو سبب التقوى والمراقبة الدائمة لله على كل حال.

🔹 وهذا الثناء القرآني العظيم على أصحاب النبي ﷺ يوجب الاقتداء بهم، واتباعهم، وحبهم، والاستغفار لهم، وحفظ مكانتهم، والشهادة لهم بما شهد الله به لهم، فهم المتقون المحسنون، الموعودون بالجنة وبما يشاءون يوم القيامة عند ربهم، وهذا لا يقتضي عصمتهم في الدنيا، بل هم بشر يجتهدون، ويصيبون، ويخطئون، ويتوبون؛ ‏ولهذا قال: ‏﴿ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا﴾ بسبب تصديقهم وإيمانهم وتقواهم، فيتجاوز الله عن أسوأ ذنوبهم تكريما لهم، ‏﴿ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون﴾، وذلك أنهم محسنون، فكان الجزاء من جنس العمل، بأن عاملهم حين أحسنوا بأحسن أعمالهم، لا بأدناها ولا أوسطها، كما قال تعالى: ‏﴿هل جزاء الإحسان إلا الإحسان﴾[الرحمن:٦٠].

🔹 وهذا الوعد وإن كان عاما لكل مؤمن صدق بالرسول ﷺ واتقى الله وأحسن العمل، إلا أن الصحابة يدخلون فيه دخولا أوليا قطعيا، فلا يبلغ درجتهم أحد جاء بعدهم إلى يوم القيامة، كما قال تعالى عنهم: ‏﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس﴾[آل عمران:١١٠]، ‏وقال: ﴿محمد رسول الله والذين معه﴾[الفتح:٢٩]، في الصحيح عنه ﷺ: (خير الناس قرني)، وقال ﷺ: (لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مد أحدهم، ولا نصيفه).

#تدبر

📎مجموع النظرات

https://tinyurl.com/542d9uef

﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
نظرات [سورة الزمر ٣٠-٣٥].jpg
2.9 MB
#نظرات_قرآنية في سورة الزمر

- ﴿إنك ميت وإنهم ميتون ۝ ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ۝ فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين ۝ والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون ۝ لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين ۝ ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون﴾ [الزمر: ٣٠-٣٥]


https://www.tg-me.com/قناةأدحاكمالمطيري/com.DrHAKEM/12980
📎
https://www.tg-me.com/قناةأدحاكمالمطيري/com.DrHAKEM/12981
📎
https://tinyurl.com/542d9uef

﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
الفرق بين رسم المصحف ﴿رحمة الله﴾
‏و ﴿رحمت الله﴾


📩 س/ لماذا كُتبت ﴿يرجون رحمت الله﴾ بالتاء مفتوحة وليست مربوطة (يرجون رحمة الله)؟

▫️ج/ وردت (رحمة الله) بالتاء المربوطة أكثر من سبعين مرة، ووردت سبع مرات بالتاء المفتوحة (رحمت الله)، وقد ذكر الإمام الجزري في "النشر في القراءات العشر" إجماع القراء على قراءتها كلها بالإفراد، ورسمها بالتاء مفتوحة كما الجمع المؤنث السالم، وهي كما قال: (في سبعة مواضع في البقرة ﴿أولئك يرجون رحمت الله﴾، وفي الأعراف ﴿إن رحمت الله قريب﴾، وفي هود ﴿رحمت الله وبركاته عليكم﴾، وفي مريم ﴿ذكر رحمت ربك﴾، وفي الروم ﴿فانظر إلى آثار رحمت الله﴾، وفي الزخرف ﴿أهم يقسمون رحمت ربك﴾، ﴿ورحمت ربك خير﴾ ..) انتهى كلامه.
‏ورسم المصحف توقيفي فقد كُتب كله بين يدي النبي ﷺ وبأمره، كما هو مكتوب محفوظ في اللوح المحفوظ، وهذا من صور إعجازه، وأما الحكمة من كون هذه المواضع السبع بالذات خولف في رسمها للسبعين موضعا الأخرى، فلم أقف على من علله من أئمة الفن، إلا ما يفهم من قول القرطبي في تفسيره بأنه حتى لا يشتبه الاسم رحَمة، بالفعل رحِمه، وهذا بعيد أن يقع مثل هذا الاشتباه في هذه المواضع، والذي يظهر لي فيها والله أعلم أن كل هذه المواضع جاءت الرحمة فيها بمعنى النعمة، لا بمعنى الصفة لله، ونِعَمه سبحانه وتعالى كثيرة لا حصر لها -كما قال تعالى في سورة النحل: ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها﴾، وقال في سورة إبراهيم: ﴿وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها﴾، فذكر هذه الآية في القرآن كله مرتين تارة (نعمة) مفردة، وتارة (نعمت) كجمع المؤنث السالم- فناسب رسم الآيات السبع في (رحمت) كلها بالتاء كجمع المؤنث السالم، فأشار الرسم إلى هذا المعنى (رحمات) كثيرة وهو النعم التي لا حصر لها، وأشار اللفظ الذي لم يختلف فيه القراء وهو بالإفراد (رحمة) إلى المصدر الواحد لها، وهو رحمة الله التي هي صفة واحدة لإله ورب واحد، ليس كمثله شيء في اتصافه بصفاته ومنها الرحمة التي وسعت كل شيء، كما قال سبحانه: ﴿ورحمتي وسعت كل شيء﴾.
‏فمعنى ﴿يرجون رحمت الله﴾؛ يعني: يطمعون في جنته ونعمته وهي جنات ونعيم ورحمات لا حصر له، و﴿إن رحمت الله قريب من المحسنين﴾ يعني: ثوابه ورزقه وفضله وجنته وإجابته؛ وكل ذلك قريب ممن أحسنوا عبادتهم لله، ومعنى ﴿رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت﴾ نعمه وأفضاله عليكم التي لا حصر لها بالنبوة والكتاب والملك، ومعنى ﴿ذكر رحمت ربك عبده زكريا﴾ إجابته دعاءه ونعمته عليه بالنبوة والولد والمعجزات والآيات، ومعنى ﴿انظر إلى آثار رحمت الله﴾ آثار رزقه ونعمته بالمطر والخصب والرزق الذي لا حصر له، ومعنى ﴿أهم يقسمون رحمت ربك﴾ نعمه باصطفاء من يشاء من عباده بالنبوة، واختصاصه إياهم بها، وهدايته لاتباعهم، ومعنى ﴿ورحمت ربك خير مما يجمعون﴾ نعمه وفضله بالهداية والنبوة والجنة...إلخ
‏بينما موارد الرحمة في السبعين موضعا الأخرى التي جاءت بالتاء المربوطة التي تفيد الإفراد لفظا ورسما، فهي تارة يراد بها الصفة كقوله تعالى: ﴿وربك الغفور ذو الرحمة﴾، وقوله: ﴿وربك الغني ذو الرحمة﴾، والصفة واحدة، كاتصافه سبحانه بكل صفات الكمال والجمال والجلال، فكل صفة هي معنى واحد لا يتعدد كالرحمة والقوة والحكمة والقدرة، وهذه الصفات بمجموعها معان تقوم في ذات واحدة لا تتعدد ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾.
‏وتارة تطلق الرحمة ويراد بها نعمة مخصوصة في ذلك الموضع خاصة، كقوله: ﴿آتيناه رحمة من عندنا﴾ يعني: نعمة مخصوصة بالعلم أو النبوة، وكقول ذي القرنين ﴿قال هذا رحمة من ربي﴾ يعني نعمة مخصوصة بهم...إلخ
‏وهذا باب من العلم -كتابة المصحف وتنوع رسمه ولفظه- يحتاج إلى تدبر وتفكر وتبصر وهو بحر لا ساحل له.
‏فنسأل الله سبحانه علما يهدينا إليه، ورحمة منه ننجو بها يوم العرض عليه آمين آمين.

•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://www.tg-me.com/askDrHakem
#نظرات_قرآنية في #سورة_الزمر

- ﴿أَلَيسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبدَهُ وَيُخَوِّفونَكَ بِالَّذينَ مِن دونِهِ وَمَن يُضلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ ۝ وَمَن يَهدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن مُضِلٍّ أَلَيسَ اللَّهُ بِعَزيزٍ ذِي انتِقامٍ ۝ وَلَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ لَيَقولُنَّ اللَّهُ قُل أَفَرَأَيتُم ما تَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ إِن أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَل هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَو أَرادَني بِرَحمَةٍ هَل هُنَّ مُمسِكاتُ رَحمَتِهِ قُل حَسبِيَ اللَّهُ عَلَيهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلونَ ۝ قُل يا قَومِ اعمَلوا عَلى مَكانَتِكُم إِنّي عامِلٌ فَسَوفَ تَعلَمونَ ۝ مَن يَأتيهِ عَذابٌ يُخزيهِ وَيَحِلُّ عَلَيهِ عَذابٌ مُقيمٌ﴾ [الزمر: ٣٦-٤٠]

🔹 جاءت هذه الآيات بوعد الله ‏﴿عبده﴾ ورسوله محمدا ﷺ بحمايته وكفايته من كل عدو ومن كل أمر يهمه ولا يقدر عليه، وكذا كفاية‏ ‏﴿عباده﴾ المؤمنين، كما في قراءة سبعية متواترة ‏ ‏﴿أليس الله بكاف عباده﴾، وكفايته إياهم وعد إلهي لهم بتحقق كل ما يحتاجون إلى كفايته وتوليه عنهم مما لا يقدرون عليه؛ ومن ذلك:
١- كفايته المؤمنين بالمدد والنصر والظهور على العدو، كما قال تعالى: ﴿إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين..﴾ [آل عمران: ١٢٤].
فلم يكن للمؤمنين يوم بدر قدرة على صد جيش مشركي مكة الذين كانوا أكثر منهم عددا وعدة، فتولى الله أمرهم، وكفاهم عدوهم، فهزمهم، وفل شوكتهم.
٢- وكفايته سبحانه المؤمنين بالعلم بأعدائهم الذين لا يعلمون أخبارهم، وكشفه أسرارهم لهم، كما قال تعالى: ﴿والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا﴾ [النساء: ٤٥].
٣- وكفايته إياهم برد كيد عدوهم، ودفع شره عن المؤمنين قبل وقوعه، كما جرى يوم الخندق، كما قال تعالى: ‏﴿ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال﴾ [الأحزاب:٢٥].
٤- وكفايتهم إياهم استهزاء أعدائهم ‏﴿إنّا كفيناك المستهزئين﴾ [الحجر:٩٥]، فما استهزأ بالنبي ﷺ أحد إلا كفاه الله وتولى عقوبة من استهزأ به، وكذا كل من استهزأ بأوليائه وآذاهم وحاربهم بسبب إيمانهم، فإن الله يتولى حربه، كما قال في الحديث القدسي: (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب).
٥- وكفايته هدايتهم إلى سبيله وصراطه المستقيم، ووقايته إياهم أن يضلوا، أو أن يغويهم الشيطان وأولياؤه فيزلوا، كما قال تعالى: ﴿إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا﴾ [الإسراء: ٦٥].
وقال: ﴿وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا﴾ [الفرقان: ٣١].
٦- وكفايته إياهم كل ما يخشونه ويخافونه في الدنيا والآخرة كفاية عامة شاملة، يتحقق بها لهم الأمن والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى عن المؤمنين: ﴿ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا﴾[الأحزاب:٣٩].
وكما قال في هذه الآية: ‏﴿أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه﴾.

🔹 وكان المشركون يخوفون النبي ﷺ ومن معه من المؤمنين بأوثانهم، وأنها ستضرهم، وتنتقم منهم، وأنها تنصر المشركين عليهم، وجاء الرد ‏﴿أليس الله بكاف عبده﴾ و ‏﴿عباده﴾، وأضافه إليه والمؤمنين بوصف العبودية إضافة تشريف وتكريم، واختصاص من الله لهم، وإخلاص منهم بعبادته، ووصف العبودية يشعر بالعلية، وأن كفاية الله لرسوله ﷺ والمؤمنين، ترتبت على إخلاص العبودية له وحده لا شريك له.

🔹 وقد عدّ الله خوف المشركين من غيره سبحانه، وتخويفهم المؤمنين من غيره ضلالا مبينا، ولا هادي لمن خاف من غيره ‏﴿ومن يضلل الله فما له من هاد﴾، وحصر الهداية فيمن خافه وحده لا شريك له ‏﴿ومن يهد الله﴾ إلى دينه توحيده والخوف منه وحده لا شريك له، فلم يخش إلا الله ‏﴿فما له من مضل﴾ يضله عن سبيل الله وصراطه المستقيم؛ لأنه أستمسك بالعروة الوثقى، التي لا انفصام لها، وبحبل الله المتين الذي لا ينقطع من وصله‏ ‏﴿أليس الله بعزيز﴾ يمنع من لجأ إليه، وعاذ به وحده، ولم يشرك به أحدا، ‌‏﴿ذي انتقام﴾ ممن أشركوا به، وخافوا غيره، وخوّفوا المؤمنين من غير الله تعالى، والانتقام الغضب الشديد الذي لا يقوم لمن حل به قائمة، ولا نجاة له منه.
🔹 ثم أقام عليهم شاهدا من أنفسهم بإقرارهم بأن الله خالق السموات والأرض ‏﴿ولئن سألتهم﴾ يا محمد ‏﴿مَن‏﴾ ‏الرب الإله الذي ‏﴿خلق السموات والأرض﴾ فيستحق وحده العبودية والخشية والخوف ﴿ليقولن الله﴾ فلا يشك أحد من مشركي العرب أن الله هو الخالق وحده، وهو رب كل شيء، فجعل هذه المقدمة حجة عليهم ‏في إبطال ألوهية غيره مما يعبدونه ويدعونه ويخافونه ويخشونه ويخوفون المؤمنين منه ‏﴿قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله﴾ من الأوثان والأصنام والأحجار والقبور وأضرحة الأنبياء والصالحين ‏ ‏﴿إن أرادني الله بضر﴾ فحلّ بي ‏في النفس أو المال أو الأهل من مرض أو فقر أو شر أو سوء أخافه أو مكروه أخشاه فدعوت أوثانكم وأصنامكم ‏﴿هل هن كاشفات ضره﴾ الذي حلّ بي ‏فيزول عني السوء ﴿أو أرادني برحمة﴾ وخير في النفس والمال والأهل ‏﴿هل هن ممسكات﴾ ومانعات ‏﴿رحمته﴾ عني إن لم أدع أوثانكم ولم أعبده ولم أخشاها، ثم أعرض عن الإجابة وكأنها بدهية لا يجادل فيها إلا مكابر، وهو نفي ذلك عنها، فهي أحجار وأخشاب لا تضر من كفر بها وكسرها، ولا تنفع من عبدها، ‏﴿قل حسبي الله﴾ فهو كاف عبده كل شر وسوء وضر،‏ ‏﴿عليه يتوكل المتوكلون﴾ المؤمنون بالله، المخلصون له في العبادة والطاعة والدعاء والدين والخشية.

🔹 ثم جاء الوعيد ‏﴿قل يا قومِ﴾ وأضافهم إليه في الخطاب توددا لهم، واستعطافا، وشفقة عليهم، رجاء هدايتهم، وتوبتهم مما هم عليه من شرك ‏﴿اعملوا على مكانتكم﴾ والمكانة تأنيث المكان وهي المنزلة والجهة التي استقروا عليها من شرك ووثنية وجاهلية، وأبوا أن يغادروها، ورضوا البقاء فيها، وهذا أمر لهم بالعمل يراد منه تهديدهم ووعيدهم، ﴿إني عامل﴾ على مكانتي التي اخترت أن أكون فيها وهي الإيمان بالله وحده، وإخلاص الدين له، وعدم دعاء غيره أو خشيته، ‏﴿فسوف تعلمون﴾ علم مشاهدة ورؤية ‏﴿من يأتيه عذاب يخزيه﴾ في الدنيا بالقتل والهزيمة والأسر والخزي كما رأوه يوم بدر، ويوم الخندق، ويوم فتح مكة،‏ ‏﴿ويحل عليه عذاب مقيم﴾ دائم يوم القيامة، وهو ما علموه في الدنيا علم اليقين، فتحقق هذا الوعيد فيهم على نحو لا يشك ذي لب منهم أنه من عند الله، فآمنوا كلهم يوم فتح مكة، وتابوا من شركهم، وعلموا أن الحق لله، وضل عنهم ما كانوا يشركون به.
وهذه الآية من دلائل الإعجاز والنبوة، فإنها آية وسورة مكية، ووعيد لمشركي مكة خاصة، والعرب عامة، فلم يعلموه علم اليقين إلا بعد هجرته ﷺ إلى المدينة، وظهوره عليهم، ووقوع العذاب والخزي لهم، وهو وعيد قائم لمن حاله كحالهم في كل عصر إلى قيام الساعة، فإنه ما ضل عن سبيل الله قوم، وصدوا عنه بعد ظهور حجة الله عليهم، إلا حل بهم من الخزي والعذاب الدنيوي ما حل بمن قبلهم، ولا يظلم ربك أحدا، ولا تتخلف سنته أبدا.

#تدبر

📎مجموع النظرات

https://tinyurl.com/542d9uef

﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
نظرات [سورة الزمر ٣٦-٤٠].jpg
3 MB
#نظرات_قرآنية في سورة الزمر

- ﴿أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد ۝ ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام ۝ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون ۝ قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون ۝ من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم﴾ [الزمر: ٣٦-٤٠]

https://www.tg-me.com/قناةأدحاكمالمطيري/com.DrHAKEM/12984
📎
https://www.tg-me.com/قناةأدحاكمالمطيري/com.DrHAKEM/12985
📎
https://tinyurl.com/542d9uef
﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
اللهم فرج عن أهل #غزة
‏وتقبل شهداءهم
‏واشف جرحاهم
‏وانصر مجاهديهم
‏وثبت أقدامهم
‏واربط على قلوبهم
‏وأمدهم بمدد منك تخزي به عدوهم وتذهب به غيظ قلوبهم وتحقن دماءهم
‏⁧ #غزة_تقاوم
‏﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾

https://video.twimg.com/amplify_video/1812084652108091392/vid/avc1/480x852/Yz5WEU87wIFqXQRe.mp4
﹎﹎﹎﹎﹎
@DrHAKEM
2024/07/14 05:44:15
Back to Top
HTML Embed Code: