Telegram Group Search
يا بقية الله.

إنا لنعلم شدة رأفتك بنا وحبك لنا، ورعايتك لنا، ولطفك بنا، وغوثك المستمر لنا.
ونعلم أيضاً بإن إياب الخلق إليكم، وحسابهم عليكم، وان كل امة ستدعى بامام زمانها.

لذلك يا سيدي، فإنا أحوج ما نكون إلى رأفتك ورعايتك اذا جمعنا الله للحساب تحت لوائك.
نحن أحوج ما نكون للطفتك ورعايتك إذا مالت أقدامنا عن الصراط.
نحن أحوج ما نكون للطفتك ورعايتك إذا خفت موازيننا.
نحن أحوج ما نكون للطفتك ورعايتك إذا تطايرت صحفنا.
نحن أحوج ما نكون للطفتك ورعايتك إذا ضاق بنا الحشر وساء حالنا وأمرنا.
نحن أحوج ما نكون للطفتك ورعايتك إذا ثقلت ذنوبنا وسيئاتنا.
نحن أحوج ما نكون للطفتك ورعايتك إذا لم نجد لنا من شافعين، ولا صديق حميم.
نحن أحوج ما نكون للطفتك ورعايتك إذا بقي بيننا وبين عذاب الله مسافة قليلة.
نحن أحوج ما نكون للطفتك ورعايتك إذا سُئلنا عن ذنوبنا وكل لساننا عن الجواب.
" يا من دعوته.. وحيداً فكثرني، وغائباً فردني، ومقلاً فأغناني، ومنتصراً فنصرني".


لنتخيل هذه الكلمات من دعاء الإمام الحسين في عرفة على لسان صاحب الزمان!
وحيداً فكثرني!
غائباً فردني!

اللهم كثر عدته ورده من غيبته رداً عاجلاً!
لا بد لصباح كل عيد أن يفتتح بعبارات دعاء الندبة..

في يوم العيد ونحن نقرأ " هل من معين فاطيل معه العويل والبكاء".
في يوم العيد ونحن نقرأ " ليت شعري أين إستقرت بك النوى".

عبارات مليئة بالحزن، بالإضطراب، بالهم والغم…

كل هذا، لأنه لا عيد لنا إلا ظهورك.

كل عام وأنت عيدي يا إبن الحسن.
سيدي، يا أمنية الشائقين.


ماذا أقول عن حاجتنا لك وضرنا بغيابك، وأنت ترى وتسمع شدة الفتن بنا وكثرة عدونا وقلة عددنا؟

وماذا أقول عن شوقنا لك، وأنت ترى شدة تعلقنا بالدنيا وقلة ذكرنا لك؟


سيدي، كل شيء فينا يفتقدك، كل شيء فينا يحتاجك، كل شيء فينا مسه الضر لبعدك، وبكل ما فينا نعرض عنك ونهجرك!!!!

عجباً لنا، ما أقل حياءنا وأسوا حالنا!
سيدي، يا سلطان الأرض.

أود أن أقول لك:

قد أخضر الجناب وأينعت الثمار، فإذا شئت فاقدم على جند لك مجندة.


لكن….....
بلى سيدي، أخشى أن نكون كأهل الكوفة الذين كتبوا هكذا لجدك الحسين، ثم بدلوا ما عاهدوا عليه!

فهل نحن أصبحنا فعلاً جندُ لك مجندة؟
وأصبح رأينا لك ولا رأي لنا غيرك؟
أم أن أهوائنا لا زالت مشتتة دونك؟
وميولاتنا لا زالت خاضعة لغيرك؟
وقلوبنا لا زالت متفرقة عنك، ناسية لذكرك؟
سيدي، يا صاحب الزمان.

يقال أن الأيام الجميلة ذات الرخاء تمضي بسرعة دون أن نشعر بها.
وأن الأيام السيئة والعسيرة تمضي ببطء شديد، وتكون ثقيلة على القلب والروح.

سيدي، فكيف لو كانت هذه الأيام هي أيام غيبتك، فما أعسرها وأشدها!
وكيف لو طالت لألف من السنين، فما أطولها وأبعدها!

سيدي، إن كان للقلب روح فقد أعتصرت وذابت لطول الغياب!
سيدي، يا بقية الله.


إلى متى ونحن نحسب سنين غيابك وبعدك عنا؟
إلى متى ونحن نشاهد عمرك الشريف يزداد في الغربة والوحدة؟

سيدي، إن كان نوح قد لبث في قومه ألف سنة إلا خمسون.
فقد لبثت فينا فوق الألف سنة قرون!

سيدي، إن كان نوح قد لبث في قومه ومعه الصالحين والمؤمنين من قومه.
فأنت لبثت فينا وحيداً غريباً!

سيدي، حتى متى وإلى متى نحسب سني الفارق، ونحن لا نعلم موعد اللقاء!

أما آن لنا أن نحسب سني لم الشمل بغائبنا!
الحمدُ لله الّذي جعلنا من الموالين لأمير المؤمنين (عليه السّلام).
سيدي، يا إمام الإنس والجان.
قسماً بمن خلق الإنس والجان.
نفقتدك ونحتاجك بقدر أنفاس الإنس والجان.

سيدي، يا من لولاك لما نزلت النعم ولا جرت الأنهار.
قسماً بمن أنزل النعم وأجرى الأنهار.
أرواحنا في غيابك بحزن ودمار.

سيدي، يا من ولايتك للإيمان ميزان.
قسماً بمن جعل ولايتك شرط للإيمان.
الحياة بغيابك مَّجمَع للفتن وألآلآم.
وَالْمِايبَايع حَيْدَرَهْ
خُسْرَان دُنْيَا وَأَخَّرَهُ
هَذَا الشِّعَارِ، نَكِرَره
عَهِدَ لَأَبُو الْحَسَن.
الحَمدُ للهِ الَّذي أكرَمَنا بِهذا اليَومِ وَجَعَلَنا مِنَ الموفينَ بِعَهدِهِ إلَينا وَميثاقِهِ الَّذي وَاثَقَنا بِهِ مِن ولايَةِ وُلاةِ أمرِهِ وَالقوَّامِ بِقِسطِهِ وَلَم يَجعَلنا مِنَ الجاحِدينَ وَالمُكذِّبينَ بيَومِ الدّينِ.
.
بايعناك يا أمير المؤمنين.
وبايعناك يا أبا عبد الله.
وبايعناك يا صاحب الزمان.

وعهداً علينا، لن تكون بيعتنا لك كبيعة الصحابة لعلي، الذين تركوه وحيداً يُغسل رسول الله!
ولن تكون كبيعة أهل الكوفة للحسين، الذين تركوه وحيداً في صحراء كربلاء!

لأن هؤلاء بايعوا الحسين لما رأوا مصلحتهم في بيعته، فلما وجدوا مصلحتهم مع غيره تركوه وخذلوه!

أما نحن، فبايعناك لأنك إمامنا مفترض الطاعة من الله تعالى، وليس لنا مصلحة إلا في طاعتك وإتباعك!
لقد قُدر للشيعة أن لا تكون لهم راحة وسعادة حقيقية قبل ظهور الحجة، وكما قال الله تعالى في حديث اللوح عن الإمام الحجة:
"سيذل أوليائي في زمانه وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرنة في نسائهم، أولئك أوليائي حقا… ".

فلم تقدر لنا راحة ولا سعادة حقيقية في الغيبة بشيء من الدنيا وما فيها، بل أنها ستكون فترة مؤلمة ومليئة بالمحن والبلاءات والآلآم.

وكل ذلك، لن ينجلي إلا بظهور الحجة، وما سواه، هي مجرد أفراح وهمية زائلة لا واقع لها.
السلام على رسول الله إلى الخلق أجمعين، السلام على أمير المؤمنين إلى يوم الدين، السلام على الأئمة الصالحين سادة الخلق أجمعين، السلام على خاتم الوصيين، السلام على مثمر جهود النبيين، السلام على وارث الشهداء والصديقين، السلام على محطم عروش الشياطين، السلام على قاصم شوكة المعتدين، السلام على محطم الطغاة والمستكبرين، السلام على الغائب عن العيون، السلام على الساكن في القلوب، السلام على الغريب عن الديار، السلام على الشريد في الأوطان، السلام على الطريد في البلدان، السلام على مسفوح الدموع، السلام على من أراق مهجة
عينيه بالدم الهطول لمصاب جده الحسين وعمته سبية الهاشميين، السلام على من تخفق القلوب بذكره، وترتجف الأبدان لإسمه، السلام عليك يا غائباً تملأ حياتنا حضوراً.
سيدي أن في القلب كلام وكلام، لايمكن أن نوصله إليك إلا بالبكاء الطويل، والدمع الغزير والشجن والأنين، سيدي أن الشوق يقتلنا، والغربة ترهقنا، وتكالب الأمم علينا يضعفنا، إلا أن مصيبتنا الأعظم هي غيبتك، غيبتك تفتت قلوبنا وتحرق أفئدتنا وتسفح دموعنا وتفسد علينا رقدتنا وتملأ صدورنا أنيناً وأنينا... مولاي أما أن لهذه الغيبة الكبيرة أن تنتهي أيامها! أما أن لهذه الغربة الطويلة أن تكف عنا! أما أن لنا أن نصلح أنفسنا!، أما أن لنا أن نعود، أما أن لنا أن نتوب؟، أما أن لنا أن ننوب؟، أما أن لعينيك أن يكفا عن النزيف، أما أن لغربتك وبعدك أن ينقضيا؟
ليت شعري أين أستقرت بك النوى، ليت شعري أين أستقرت بجروحك النوى، ليت شعري أين أستقرت بدموعك النوى، ليت شعري أين أستقرت بعينيك التوى، ليت شعري أين أستقرت بأوجاعك النوى، ترى أترانا نحفت بك وأنت تؤم الملأ، تُرى أترانا نحف بك وأنت جالس بيننا، تُرى
أترانا نحف بك وأنت بقربنا، تُرى أترانا نراك وترانا صباحاً ومساء، تُرى أترانا نقول -كان المهدي غائباً وقد أنتهت غيبته والحمد لله!-،
تُرى أترانا نرى الأرض طولاً وعرضاً تحت سلطانك، تُرى أترانا قد أدركنا ظهورك أيها السلطان المغيب، تُرى أترانا ندركك يا غريباً والأرض ملكه؟، ترى أترانا نرافقك يا غريباً في الديار وأنت سيدها؟
سيدي وإلهي.

قد بلوتنا وعاقبتنا بحجب وليك عن أعيننا، جزاءً لما أقترفته وجنته أيدينا، فأصبحنا بلا علم يرى، ولا إمام هدى.
سيدي، قد تراكم علينا الظلام لذلك، قد تراكمت علينا الظلامات لذلك، قد تراكمت علينا الفتن، وازدادت بنا المحن، واشتدت بنا الأحن، وزدنا حيرة وتيهاً، وبلاءً وضّيماً.

سيدي، لا أقول أننا أدركنا خطأنا واعترفنا بذنبنا وأصلحنا حالنا لتظهر لنا ولينا.
بل يا سيدي، وأنت الذي تعطي من سألك ومن لم يسألك ولم يعرفك، هلا تعطفت علينا برحمتك، وتفضلت علينا بكرمك، فأعدت لنا ولينا، واستنقذتنا به من الظلم والمحن، والحيرة والفتن!
2024/06/29 07:08:14
Back to Top
HTML Embed Code: