Telegram Group Search
تخيل نفسك في طياره والاب بيسوق والام جنبه بتراعي الاولاد اللي قاعدين ورا في مقاعد الركاب 🤷‍♀️

فجاه ابنك كبر و بقي مراهق وقام من علي الكرسي رغم تحذيراتكم له انه لازم يربط حزام الامان لكن هو بردو بيتحرك !! 🤨

الام بتزعق وبترجعه مكانه و لكن مفيش فايده !!!

وفي عز مانت سايق لاقيت ابنك بيقولك انا عايز اسوق !!! 🤨

انت يابني مبتعرفش تسوق ! لكن هو ماسك الدركسيون معاك وبيعاندك 😠

تيجي يمين يزق شمال !!

وفجاه هتلاقيه مكسوف من وجودك في حياته وفي طيارته !

بل واحتمال يقولك انزل من الطياره 🤐

وفجاه المشاعر العائليه الجميله والاحضان بقت عيب وميصحش وصحابي هيقولو عليا ايه 🫤

انا كبرت ولازم يبقالي كرسي معاكم قدام 😒 انا مش صغير

محدش يقررلي !! محدش يديني اوامر انا عارف انا بعمل ايه 😒

انا مش هزاكر بقي ولا هستحمي 😡

وعشان كدا لازم تقوم عزيزي الاب وتسيب ابنك يقعد وتاخد مكان مساعد الطيار 🩵

لازم تقوم بمهامك في نقل السلطة كمرشد ومدعم و صديق 🤝

لحد ما يقدر يقود العائله بنفسه ❤️

ولا تترك الام في صراع معاهم .. سواء بنات او اولاد 💔

وكل ما تمهدله الطريق من بدري وتعلمه وتصاحبه من بدري كل ما مرحلة المراهقة هتكون اخف واسهل 😍

والا هينط من الطيارة 😁

وهيروح يركب توك توك مع اصحابه اللي هيسيبوه يسووووق 😄

مرحلة ازمه الكفاءة : دي المرحلة اللي في نهايتها يتحدد الشخص دا هيكون كفء ومتزن وسليم نفسيا ولا مهزوز وغير واثق وهش 💔
منقول
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
نبدأ بسم الله ، مستعينين به سبحانه .

نبدأ بسلسلة
( #قواعد_وأدوات_التربية_من_الوحيين)

تُعلّمنا فيها الأستاذة / أسماء قواعدَ التربية من الوحيين ، قواعد عامّة كلية ، و من ثمّ ننطلق في تفاصيل و جزئيات مكابدة التربية مع الأبناء
، و هكذا كل علم ؛من ضَبَطَ تصوراته الكلية فيه ؛ سَهُلَ عليه -إن شاء الله- استيعاب الجزئيات و تَقَبُّلها .
#مقالة_رقم١

#قواعد_وأدوات_التربية_من_الوحيين

#القواعد

مقدمة مختصرة جدا..

بَعضُ الناس مع الأسف يزعمون أن ديننا ليست فيه أدوات وقواعد لتعديلِ السلوكِ الإنسانيِّ بالشكلِ الموجودِ في أدبياتِ التربيةِ الغربيةِ الحديثة..

ومن يقول ذلك، إما أنه لم ينَلْ شرفَ إتمامِ ولو خَتمةٍ واحدةٍ للوحيَينِ: القرآنُ وصحيحُ السُّنةِ، وإما أنه قد قرأَ منهما عشوائيًا ثم فَتَرَتْ هِمّتُهُ وانجذبَ أكثَرَ لبريقِ التربوياتِ الغربية.. 

بينما لو اصطبرَ على طريقِ موسى و الخَضِر، لأوشكَ أن يلتقطَ بشِغافِ قلبِهِ وعقلِه كنوزًا تربويةً فريدةً ومدهشة، تَبْرُزُ لهُ لآلِئُها من أصدافِها، جزاءً وِفاقًا على اصطبارِه، تُنافِسُ وتتفوقُ باكتساحٍ على أعظمِ المدارسِ التربويةِ الحديثةِ وأدبياتِ تعديلِ السلوكِ الإنسانيِّ كافة.. فما التربيةُ إلا قرآنٌ وسُنة.. 

وهذا ما سوف نجتهد في إظهاره لكم من خلال هذه السلسلة بإذن الله..

أضع فيها بين أيديكم أفكارًا عَمَليةً طبقتُها فى تربية أبطالي الثلاثة على مدار حوالي عشرين عاما بحول الله وقوته، تخص مشاكلنا معهم ومشاكلهم معنا.. مع عرض لتجربتي المتواضعة في حلها وفك تشابكاتها بفضل الله وحده وتوفيقه، عساها تنفعكم.. وأسأل الله أن يحفظ أولادَنا ويهديَهم ويصنعَهم على عينه ويقر بهم العين والقلب يوم الجزاء.. فإنما هي أسباب نُتبِعُ بعضَها بعضًا... وإنما علينا البلاغ.. والله يهدي من يشاء إلى سواء الصراط.. 

ولكن قبل أن نبدأ بيان قواعد وأدوات التربية من الوحيين، نعرج سريعا بكلام عن النية من التربية و وقود التربية..

🔵 أولا: النيةُ من التربية | {إني نذرتُ لك ما في بطني} - {إياك نعبد}..

نحن ننجب ذريةً لتكون خدمًا لدين الله.. كما قالت أم مريم لربها {إِنِّی نَذَرۡتُ لَكَ مَا فِی بَطنِی مُحَرَّرࣰا فَتَقَبَّلْ مِنِّی إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِیعُ ٱلعَلِیمُ}..
أي: خالصا لوجهك، محررا لخدمتك وخدمة بيتك فتقبل مني يا من تسمع دعائي وتعلم نيتي وقصدي.. فلما أنجبت مريم تابعت التأكيد على نيتها مجددا بالدعاء قائلة {وَإِنِّیۤ أُعِیذُهَا بِكَ وَذُرِّیَّتَهَا مِنَ ٱلشَّیطَـٰنِ ٱلرَّجِیمِ}..
تهب ذريتها -قبل حتى أن تراها أو تعلم عددها أو نوعها أو شكلها- لخدمة دين الله، وتستعين به سبحانه في تحصينهم من إضلال الشيطان لهم عن هذه الغاية المأمولة..

رأيتم...؟
هذه النيةُ من التربية، وهي في ذاتها أيضا: وقودُ التربية..
هنا الغاية والوسيلة معًا.. إجمالا وتفصيلا..

فبنيتها منذ البداية، بارك  الله لها في الثمرة.. فلم تُرزَق فقط برجلٍ من قمم الصلاح في الدنيا يقيم دين الله فحسب ويخدمه كما تمنت، بل رُزِقت كذلك بأمِه التي صارت منارة للعالمين في العفة والعبودية والتبتل والاعتصام بالله والبذل لدينه..
وكله رزق بطنها المبارك بنيتها الخالصة لله، ومعلوم أن الحفيد كالولد وامتداد له..

فأي خير كانت تتخيله من عبارتها البسيطة تلك التي قالتها بإخلاص ثم سلمت أمرها في النهاية ليختر الله لها أفضل ثمرة لتلك النية الطيبة؟

رأيتم كيف أن التركيز في خطوات الانطلاقة الأولى دومًا يكون هو أهم خطوة في التخطيط لسلامة الطريق؟

بالتالي،،،

● ولأجل الثبات على تلك الانطلاقة المباركة إلى نهاية الطريق بإذن الله، لابد من وضع غاية كبرى محددة نصب أعيننا لا مجرد شعارات حماسية، ونحدد لها وسائل عملية واضحة لتحقيقها، تكون قابلة للمتابعة والرصد والإحصاء كما وكيفًا..

● والغايةُ الكبرى تلك لمنهجنا في التربية بكل وضوح  هي العبارةَ الذهبية في حديث السبعة الذين يُظِلهم الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله:
"وشابٌ نشأ في طاعة الله"..

● ولدينا لتلك الغايةِ الأصيلة الكبرى: عشر غايات صغرى (فرعية) من ورائها، نجتهد في تحصيلهم بحكمة وتدرج منذ نعومة أظافرهم  بكل وسيلة مشروعة بحول الله وقوته، لنبلغ تلك الغاية الكبرى بسلام بإذن الله..

🌱 تتمثل تلك العشرة في:

تخريج (((ذرية))) :
1.عالِمَةٍ بأمور الشريعة والعربية متقنة لها عارفة بحقوقها وواجباتها..

2.تَحملُ القرآنَ علمًا وعملاً وتبليغًا وجهادًا به جهادًا كبيرًا..

3. تَحرُسُ الدين وتطبقه كمنهج حياة كامل وتنشره عزيزًا دون أن تجد في نفسها حَرَجًا منه..

4.تملك عقلية فاحصة ناقدة قد درست مواطنَ الفتن وتحصنت بأسلحتها وحصنت غيرها..

5.خالية من الدنس والدناءات والتفاهات والعلائق والشهوات والشبهات، موَفَّقة لشروط الضبط والعدالة التي اتفق عليها العقلاء لتعريف خير الرجال، مُنزهة حتى عن خوارم المروءة بإذن الله، وليست كأي ذرية..

6.عالية الهمة، تتحرى النوافلَ والمندوبات كما تتحرى الفرائض والواجبات، وتطبق كل شِعَب الإيمان من أعلاها -لا إله إلا الله- إلى أدناها -إماطة الأذى عن الطريق- دون تباطؤ عن أي بر..

7.واعية بتحديات الواقع غير منعزلة عن هموم المسلمين..

8.زاهدة في الدنيا..

9.تُحِب الموتَ في سبيل الله كما يحبُ أهل الدنيا الحياة..

10.تُحَررُ الأقصى والأمة بأسرها..
#بالتالي...

📌 وسائل منهجنا التربوي لتحقيق ذلك بإذن الله تتمثل إجمالا في:
▪️ تطبيقٌ مستمر للقرآن والأحاديث والآثار الصحيحة، بفهم السلف الصالح في القرون الثلاثة الأولى ومن وافَق خُطاهم في العصور التالية إلى يومنا هذا، في الحياة كمنهجٍ عام أولًا مع نفسي لأجل نفسي، وثانيًا مع الأولاد أنفسهم، لتتصل سلسلة الاتباع بخير القرون بإذن الله، ولكي يجدوا توافقًا بين كلامي النظري و تطبيقي العملي كقدوة..  وأبتعد تماما عن نظريات التربية الغربية، ولا آخذ منها حتى ما لا يتعارض مع نص شرعي، فديننا أولى بالفَخار والانبهار، بل أخالفها أحيانا بقوة حين تخالف قاعدة تربوية معلومة من الدين مهما دَقَّ شأنُها.. فالخير كل الخير في اتباع السلف... وخير القرون هي التي زكاها النبي ﷺ الذي لا ينطِق عن الهوى وإنما يُوحَى إليه الخيرُ كله من رب العالمين، والتي أخرجت لنا شموسًا لم تُشرق على الأرض مثلُها حتى يومنا هذا: القرون الثلاثة الأولى... ولو كان ثمةَ خير تربوي نزعُم أنه في أيدينا لَسبَقونا إليه.. { {فبهداهم اقتده} }..

▪️ وبالطبع هناك أمور لا يوجد نص شرعي واضح فيها، أو هي من أمور دنيانا المتروكة لاجتهاد كل فرد أو تَتْبَعُ قوانينَ علميةً تجريبيةً نافعةً وثابتة، وليست من أمور ديننا ولا من ميراث النبوة في شيء، فأجتهد حينها كذلك مع أبنائي تحت مظلة الأصول والمقاصد الكلية للشرع وقواعده العامة والجزئية، فلا أستأنسُ ولا أسكنُ إلا تحت ظل الشرع، كي يطمئن قلبي أني على صواب أو أقرب ما أكون إليه ما استطعتُ، وأني لست أتبعُ الهوى المُضِلّ المُزِل، ولو في أقل توجيه لأبنائي أو لنفسي، قدر الجهد والعلم المتواضعَين... فاللهم اعصمنا وسددنا واجعلنا وذريتنا أئمة للحق والمتقين..

🌻 فمن توافَقَت غايتُها ووسيلتُها التربوية وخَطُ اجتهادِها الفكري التربوي مع هذا الطريق، فلتركب معنا مرحبًا بها ولتُدلِي معنا بخبراتها على نفس المسار الذي يتخذُ الآخرةَ قبلتَه والشرعَ النقيَّ مَطِيَّتَه -حتى وإن كانت خبراتُها العمليةُ كأم تختلف عن خبرات بعضٍ منا فيما يسعُنا فيه الاختلاف تبعًا للفروق الفردية- فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه..

🌻 ومن خالفَ هواها هذا المنهجَ، فلتتركنا ومنهجنَا وتدعو لنا بالتوفيق إن كان خيرًا، و لتكفِنا شرَ الجدالِ المحسومِ -بلا شك- لصالح منهج السلف القويم المتين. إلا إذا رأت في كلامنا ما يُخالِفُ مَنهجَ السلفِ فلا تتردد في تنبيهي قطعًا فكما قال الشافعي: إذا صح الحديث فهو مذهبي.. والمؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا..

🧩🧩🧩🧩🧩🧩🧩🧩🧩🧩

🔵 ثانيا: وَقُودُ التربية | {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} - {وإياك نستعين}:

بعدما تأملنا قصة حَملِ امرأةِ عمران، أمِ مريم...
ما الذي تحتاجه الأمومة؟ ما هو وقود التربية؟

التربية تحتاج في الأساس إلى صبر.. وحكمة.. وحنان..
أي: حِلمٍ وعِلمٍ ورحمة..
وإنما العِلم بالتعلم..
وإنما الحِلم بالتحلم..
والرحماءُ يرحمهم الله..

و يعينكِ على الثلاثة أيتها الأم الطيبة، بجانب إخلاص النية لرب العالمين الذي ذكرناه أولا: 
الاستعانةُ بالله..
قالت امرأة عمران مستعينة بالله على تربية مريم: {وإني ((أعيذها بك)) وذريتها من الشيطان الرجيم}.

وهذه أولى خطوات الاستعانة بالله..

فالاستعانة بالله تتضمن صدقِ الافتقارٍ إليه عز وجل، وتجَرُّدٍ تام من حولِك وقوتِك إلى حولِه وقوتِه سبحانه وتعالى، وتذلل في الدعاء بقلبٍ خاشع مُنكَسِرٍ بضعفِه مُعترفٍ بعجزِه، بين يدي القوي المتين؛ في كل جبهة من جبهات التربية..

فهنا استعانت بالله في أولى تلك الجبهات: الشيطان الذي اقسم على غواية ذرية آدم إلى يوم الدين، ووسيلتها كانت الدعاء..

وبالمثل فإن للاستعانةِ بالله جبهات أخرى، وطرق أخرى..

🌱 و أعظمُ تلك الطرق أثرًا:
︎الدعاء بشكل عام (والذي يشمل الاستعاذة كما تقدم).
︎الذِكر بشكل عام (بشكل خاص: استغفار - صلاة على النبي ﷺ -حوقلة)..
︎ قضاء حوائج الناس.
︎ صلوات النوافل (كثرة السجود)..

وأسرُعها مفعولا: كثرة السجود والاستغفار ﷺ..

1= فكما قال النبي ﷺ لسيدنا حارثة:  "أعني على *نفسك* بكثرة السجود"... وأولادكِ قطعة من *نفسك*، حقيقةً ومجازًا.. فاستعيني على نفسِك وقِطَعِ نفسِك، بكثرة السجود..  

2= وكما قال الله عز وجل: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكم تُرْحَمُون}..
فاستعيني على استخراج ثمرتِك بأمطار الاستغفار..  

باختصار...

تلك "روشتة" وقائية علاجية في ذات الوقت، أكتبها دوما لأي أم تأتيني باكية والعجز ينهش قلبها وتكاد تنهار من اليأس:
استغفري/ وصلي على النبي/ وحوقلي/ وأكثري من النوافل وأطيلي فيها السجود والدعاء..
حتى يعجز عدادك عن العد..
و حينها: سترين عجبا.. بإذن الله..

وتلك مقدمة مختصرة جدا جدا قبل البدء، نفصل فيها أكثر بإذن الله في الكتاب..

•┈••❅✿❅••┈•
رابط المقالة على طريق الإسلام: http://iswy.co/e2c5kc
#أسماءمحمدلبيب
أمةالله-عفا الله عنها
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#مقالات_الأستاذة_أسماءمحمدلبيب

#المقالة_رقم٢

#قواعد_وأدوات_التربية_من_الوحيين

#القاعدة_الأولى

(1) مَعذِرَةً إلى رَبِّكُم ولعلهُم يتقون ..

منذ أن تتيقظَ حواسُّ وَلَدِكِ للتلقين، ومادامتْ فيكِ أنفاسُ الحياةِ، طَرِّزِي نسيجَ يومياتِه بدينِ ربِ العالمينَ خَيطًا خَيطًا وعُودًا عُودًا..

نشِّئيهِ على الإسلامِ بكل تفاصيلِهِ الصغيرةِ والكبيرةِ المعرفيةِ والعمليةِ، وألقِمِيهِ إياها مع غذاءِ بَدَنِه، قَطرَةً وراءَ قَطرَةٍ ولُقمَةً إثْرَ لُقمَة..

ولا تنزِعِي يَدَكِ من ذلك أبدًا بحججٍ واهية، كأنْ تقولي ((إنه صغيرٌ لا يستوعِبُ بَعدُ هذهِ الأمورَ ولا تعنِي لهُ شيئًا!)).. فظَنُّكِ هذا بعيدٌ عن الواقِع، فهؤلاءِ الصغارِ صفحاتٌ بيضاءُ لها خَمسُ مُستقبِلاتٍ سِحريةٌ مُدهِشَة، تتلقّفُ كلَ ما يمُرُّ أمامَها في نَهَمٍ وتُخَزِّنُهُ في أدراجٍ عقليةٍ متراصَّةٍ بنظامٍ كشَريطِ الكاميرا المتتابِع.. خاصةً تلكَ المعلوماتِ التي يَتِمُ تمريرُها مِرارًا وتكرارًا على تِلك الحواسِّ الخَمس، فإنها تتلقَّى عِنايةً فائقةً في مُستودَعاتِهم العقليةِ، أكثرَ من غيرها..

فالتكرارُ قَولًا وفِعلا، يَجعلُ المعلوماتِ والمعرفةَ تُنقَشُ وتُختَزَنُ في الوجدانِ في ذَواكِرِ المَدى الطويل، فتتحولُ لقناعاتٍ وأفعالٍ بحولِ اللهِ وقوتِه، ولو بعد حِين، فكلُّ شَجَرَةٍ لها أوانُ حَصادٍ نلتقِطُ فيه ثِمارَها.. حتى إذا حانَ وقتُ تَمَكُّنِ البراعِمِ من التعبيرِ بالكلامِ والفعالِ وآن أوانُ إزهارِ الثمارِ من مخابِئِها، اهتزتْ وربتْ وأنبتَتْ مِن كلِّ زَوجٍ بَهِيج..

فلا تظني أنهم قبل ذلك كانوا عنها من الغافلينَ أو الرافضين، حتى وإن عارضُوها بأفعالِهم وعاكسُوا توجيهاتِك فيها فيما يبدو لكِ من مشاغباتِ الصِّغارِ البريئة.. كذلك لا تَنزِعي يَدَكِ من ذلك التلقينِ الدَؤُوب، بأن تقولي: ((أنا قد غالَبتُه على ذلكَ كثيرًا فغَلَبَنِي!، مهما أُعَلِّمُهُ وأُلَقِّنُهُ لا يَستَجِيب، حاولتُ كثيرًا وفَشِلتُ، فَتَرَكْتُ..))..

فإنك إن تركتِ فكأنما وَضَعْتِ سَدًا أمامَ نَهْرِ حسناتٍ جارٍ باسمِكِ يا طيبة.. لأن العِبرَةَ بقاعدتين:
(( {إنْ عليكَ إلا البلاغ} )) و (( {ليسَ عليكَ هُداهُم} ))..
أي أنكِ ستحاسبين عِندَ ربِّكِ على التربيةِ نفسِها كيف كانت، والسعْيِ معها كان في طريقِ صَلاحِها أم فسادِها.. لكن لن تُحاسبي على ثمرةِ التربيةِ نفسِها كيف كانت، طالما لم تتركي السعيَ في طريقِ صلاحِها، ولم تسلُكِي طريقَ فسادِها..  

السعيُ يكونُ بقدرِ الطاقةِ والوُسْع.. والطاقةُ والوُسعُ رزقٌ مَحض.. واللهُ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمنْ يشاءُ ويَقْدِرُ، فلن يحاسِبَكِ إلا على رِزقِك..

والثمرةُ، وقتَ أن يأذنَ اللهُ فالقُ الحبِّ والنَّوَى.. فانتبِهِي، لأن بتأخُّرِها أحيانًا، يختَبِرُ الحكيمُ العليمُ صبرَكِ وثباتَكِ على الطريقِ الصحيحِ، وعدمَ يأسِكِ مِنهُ ولا ارتيابِكِ في جَدواه..

وإن ثباتَكِ عليهِ حتى المماتِ خيرُ دليلٍ على يقينِكِ أنهُ الحقُّ، فاثبُتي.. مهما طالَ بِكِ الطريقُ وشَقَّ على صبرِكِ، ومهما كانتْ أحوالُ الثمرةِ المُتَقَلِّبَةِ أمامَ عَينَيكِ بينَ المرارةِ والحلاوةِ..

فليسَ أمامَكِ إلا هذا الطريق، تُرابِطينَ عليهِ كالمجاهدينَ على الثغور،ِ  لِعِلمِهِمْ أنَّ الأمرَ ها هنا حياةٌ أو موتٌ فلا يملكونَ رفاهيةَ اليأسِ أو القُعود، حتى تحوزين إحدى الحُسنَيَيْنْ: ثمرةُ التربيةِ الحلوةُ المَرجُوَّةُ بأبناءٍ صالحينَ كواكبَ دُرِّيَّةً في تاجِ الأُمَة.. أو الموتُ وأنتِ على ذلك في سبيلِ الله، مادامتْ نيتُكِ أن تكونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا بغَرسِك التربوي..

فالأمرُ باختصار: {... {مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ} .. {وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} ...} فاصبروا وصابروا ورابطوا...

ومن هنا نسألُ سؤالًا: أين ينبغِي أن يكونَ طموحُنا التربوي؟
والجواب في المقالةِ القادمةِ إن شاء الله.. --

أسماءمحمدلبيب أمةالله-عفا الله عنها
#مقالات_الأستاذة_أسماءمحمدلبيب

#المقالة_رقم٣

#قواعد_وأدوات_التربية_من_الوحيين

#القاعدة_الثانية

(2) الطموحاتُ التربوية: "فاسألُوا الفِردَوس"..

أحزانُ الأمهاتِ تتفاوتْ.. هناك أمٌّ يشتدُّ حُزنُها حينَ لا يُرَتِّبُ ابنَها أشياءَه، أو يُبلِي مَلابسَه سريعًا، أو يُحدِثُ جَلَبَةً أثناءَ لعِبِهِ، أو يَنسَى كُتُبَه...

وأمٌ يشتَدُّ حُزنُها إن فاتَ ابنَها التمرينُ الرياضِيّ، أو حِصةُ العلوم، أو خالفَ خِطةَ الأطعمةِ الصحية...

وأمٌّ يشتدُّ حزنُها إن فاتَ ابنَها الظُهرُ في المسجدِ، أو قيامُ الليلِ، أو صلاةُ الفجرِ قبل الشروق..

كلُّ واحدةٍ لديها هَمٌّ رئيسيٌّ يَشغَلُ خاطرَها ودعواتَها بحرارة..

لكن الفرق بينهن: الطُمُوح.. الغايةُ النهائيةُ التي ينفعلُ معها القلبُ وتسهرُ العَين..

الأولى طموحُها في ابنِها كان متواضعًا، فلم تُرَكزْ إلا على هذا القليل، بالتالي قد يَسقُطُ  ابنُها في الأساسيات..

والثانيةُ كان طموحُها أرقَى، لكنه لا يزال دُونَ القِمَم، بالتالي ابنُها عُرضَةٌ للنكوصِ إلى المرتبةِ الأدنَى..

أما الثالثةُ فكان طموحُها أعلى الهَرَم، فحين يتهاون ابنُها سيكون في فروعٍ ونوافلَ ولَمَم، لا أصولٍ وفرائضَ وطَوام..

ألمْ يُوصِنا نبيُّنا ﷺ بتعليةِ سَقفِ طموحِنا للقِمة، حين قال "إذا سألتُمْ اللهَ فاسألوهُ الفِردَوس"؟..

لذا.. الطموحُ في التربيةِ لابد أن يبدأَ بسقفٍ عالٍ وغاياتٍ كُبرَى كما قلنا في المقال الأولِ "النيةُ من التربية"..

وأعلم أن مُعظَمَنا يبدأُ التربيةَ وعَينُهُ على قِمةِ الهَرَم، فأنا لا أكادُ أعرفُ أُمًّا لا تتمنَّى أن تُنجِبَ مُحَرِّرَ الأقصَى وحاملَ القرآنِ وإمامَ المتقين..

لكن بعد الإنجاب يَظهَرُ الفرقُ على أرضِ الواقِع: بين التي كان الأمرُ مجرد أمنيةٍ غاليةٍ لم تَتَجَهَّزْ لها لا بالعلمِ ولا بالوقتِ ولا بالهِمة الكافية.. وبين التي جَهَزَتْ نفسَها وسَخَّرَتْ كلَّ وُسعِها لتحقيق هذه الأمنية، مِن طَلَبِ عِلمٍ، وهِمّةٍ عاليةٍ، وحُسنِ تخطيطٍ، وتجديدٍ للنيةِ والتزكية، وتحصيلٍ للمعارفِ التربوية..

بقَدرِ طموحَكِ الأُخْرَوِيِّ في تربيةِ وَلَدِكِ وبقدرِ جهوزِيَّتِكِ لهذا الطموح، بقَدرِ ما ستَرَينَ ثمرةً تُقِرُّ العينَ والقلبَ في الدنيا وفي صحيفتِكِ بإذنِ الله.. حتى وإن تأخرَتْ الثمرةُ لِما بعدَ موتِكِ..

فكم سمِعنا عن قِصَصِ توبةٍ واستقامةٍ للأبناءِ أخيرًا إثرَ وفاةِ أمِّهِم أو أبيهِم، وكانَ هذا هو أوانُ إزهار هدايتِهم في عِلمِ الحَكيمِ الخبير..

فسيجبُرُكِ اللهُ يَقِينًا، بقدرِ هَمِّكِ وهِمَّتِكِ في هذا الطريق..

فأبشري.. واصبري إن الله لا يضيع أجر المحسنين..  

وبالطبع، لكلِّ قاعدةٍ استثناءٌ، والهدايةُ رِزقٌ، لكن في نفس الوقتِ لا نريدُ أن يظلَّ مثالْ -((ابنُ سيدِنا نُوح))- في عقلِكِ حاضرًا بالشكلِ الذي يُحبِطُكِ ويُقعِدُكِ عن السعيِ التربويّ الإسلامِي الدؤوب، لأنَّ -أولا وأخيرًا- ابنُ سيدِنا نوحٍ كافرٌ باللهِ وبعقابِه وثوابِه، فهو ليسَ مُسلمًا نستطيعُ أن نَسُوقَهُ لفِعلِ الصوابِ وتَركِ الخطأِ بتحفيزِه بجَنةٍ أو بنارٍ يؤمنُ بهما، فلا نقيس عليهِ كلَّ مَرَّةٍ تربيتَنا لأبنائِنا المسلمينَ قياسًا مُتطابِقًا مِئَةً بالمِئَة، لأن تلقينَ الدينِ لمُسلِمٍ لا شكَّ أيسرُ، وثمَرَتَه أقربُ وأرجَى بإذن الله، لوجودِ العقيدةِ التزكويةِ القويمةِ: الخَوفِ من اللهِ والرجاءِ في رحمتِه، ومَعلومٌ وثابتٌ أن تربيةَ خيرِ القرون هي مَصنَعُ إنتاجِ خَيرِ الثمراتِ..

فلو أنَّ الله ابتلاكِ في تربيتِك الطامحة لمعالي الأمور، بنَقصٍ من ثمراتِها، فاصبري للنهاية، وسيجبُرُكِ ويُمَتِّعُكِ بثمرتِها لا محالةَ، عاجلًا أو آجلًا بإذنِ الله.. .. {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ ((وَالثَّمَرَاتِ))... وَبَشِّرِ ((الصَّابِرِينَ))} ..


وهنا يأتي سؤال: أَإِلى هذا الحدِ يَعظُمُ أجرُ مَهَمَّةِ الأبُوةِ والأُمومة...؟

والجواب: في المقالة القادمة بإذن الله...   --


أسماءمحمدلبيب أمةالله-عفا الله عنها
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#مقالات_الأستاذة_أسماءمحمدلبيب

#المقالة_رقم٤

#قواعد_وأدوات_التربية_من_الوحيين

#القاعدة_الثالثة

(3) أمومتك كنز فاغترفي لصحيفتكِ بسخاء.

مُتَشبثونَ بِطرَفِ جِلبابِك ليلَ نهار؟
يَطُوفُونَ حَولَكِ طَوالَ اليومِ ويُراقِبونَ مَواضِعَ مَجلِسِكِ ليَنْصِبُوا ضَجِيجَهُم إلى جوارِك؟ يُريدونَكِ دومًا في كاملِ التركيزِ مَعَهم في لَعِبِهِم وحَكاياهم وحتى شِجارِهم؟
يَطلُبونَ صَراحَةً كلَّ اهتمامِكِ إنْ شَرَدتِ عَنهم قليلًا؟ يحزنونَ إذا نِمتِ ساعةً من نهارِ فلا يتركونَ أحلامَكِ المطمَئِنةَ تَخطِفُ بَهجَةَ أوقاتِهم وفاكهةَ أيامِهم؟
ويخنُقُكِ هذا كثيرًا ويُشعِرُكِ أحيانًا وكأنكِ تتنفسينَ بصعوبَةٍ من سَمِ الخِياطِ، وربما تَرَجرَجَتْ دَمعةٌ في مُقلتَيكِ فألجَمتِها وابتلَعَها جَوفُكِ في صَمتٍ حزينٍ وشُرودٍ مُحبَطٍ، لأنك تحلُمينَ بإنجازِ أمورٍ ومَهماتٍ كثيرةٍ تَخصُ مساحاتِكِ الشخصيةِ التي تُشبِعِينَ فيها مُتعَتَكِ الخاصَّة، بعيدًا عن مَسؤولياتِ الأبناءِ المُستَنزِفةِ لكلِّ الوقتِ والجُهدِ والتركيز، وتتمنِينَ لو أنكِ خَلَوتِ بنفسِكِ قليلًا في مكانٍ هاديءٍ مُريحٍ للأعصابِ خالٍ من التوتر والمطارداتِ الدؤوبة، عامرٍ بمزاولةِ المُتَعِ البسيطة، وارتشافِ الكُتُبِ في سَكينة، أو قراءةِ القرآنِ على مُكثٍ، أو التلذُذِ بموعدٍ مع النورِ عز وجل في جَوفِ الظلامِ قِيامًا بجسدٍ لم تُنهِكْهُ مَهَمَّاتُ يومٍ مُتَكَدِّسٍ بالصَّخَبِ والنَّصَب؟  


أشعرُ بكِ.. فأنا مِثلُكِ أَمُرُّ بذلكَ كَثيرًا.. ومن قبلُ كانتْ خديجةُ مِثلَنا، أمُّ البنينَ والبناتِ السِّتة، ولم يمنعْها ذلكَ من مُعاونةِ النبيِ ﷺ بكلِ ما أُوتِيَتْ من قُوّةٍ في دَعمِ دَعَوتِهِ والذبِّ عنها، وأبناؤها بَعْدُ صِغارٌ ملتصقونَ بجِلبابِها، فكانتْ السَّكنَ والمَلاذَ الآمِنَ المريحَ له ولأولادِهِما، رُغمَ نَصَبِ التربيةِ وصَخَبِ الصغارِ ومَشَقَّةِ المسؤوليات..  

فإذا كان رَبُّ خديجةَ قد بشَّرَها على لسانِ جبريلَ ببيتٍ في الجَنةِ، من لؤلؤٍ مُجَوَّفٍ وياقُوت، لا تَعَبَ فيه ولا صَخَبَ ولا ضَجِيجَ ولا إزعاج، فأبشري كذلكَ يا حفيدةَ خديجةَ بفضلِ ربٍّ كريم، فكما جاء في شروح الحديث، هذا رزقُ أهلِ الجنة كافَّة وليس شرطًا أن يكونَ خاصًّا بخديجةَ فقط، وإنما قد بُشِّرَتْ في الدنيا بذلكَ البيتِ الهانيء لسُرعَةِ استجابتِها بالإيمانِ مع رسولِه ﷺ دون أن تُحوِجَه إلى رفْعِ صَوتٍ ولا مُنازَعَةٍ ولا إرهاقَ ولا صَخَب، بلْ أزالَتْ عنه كلَّ نَصَبٍ، وآنسَتْهُ مِن كلِّ وَحشَةٍ وتَعَب، وهوَّنَتْ عليه كُلَّ عَسيرٍ، فناسَبَ أن يكونَ منزلُها بالصفةِ المقابلةِ لكل ذلك..


فتذكَّرِي جِدَّها وتفانِيها وانطلاقَها كالسهمِ في دَعمِ دِينِ اللهِ، بينما في طرفِ جِلبابِها سِّتةٌ صِغار، فيَهُونُ عليكِ أمرُكِ ومَشاغلُكِ ومُتَعُكِ..


وادعي لنفسكِ جزاءَ صبرِكِ على كلِ ذلكَ الصخَب والتعب، ببيتٍ في الجنةِ من ياقوتٍ وقَصَب لا نَصَبَ فيه ولا صَخَب.. وإن كنتِ أحيانا تنسَين أو لا تعرفِين، حَجمَ كَنزِ الأمومةِ في الإسلام.. فدعيني أنثرْ عليكِ لؤلتينِ منهُ فقط لضيقِ المقام..  


اللؤلؤةُ الأُولى: عن الإمامِ بِشْرِ الحافِي الزاهدِ الوَرِعِ التَّقِيِّ... فرُغمَ زُهدِهِ الشديدِ وتَفَرُّغِهِ للعبادةِ وتشَبُّعِهِ بالوَرَعِ لدرجةِ خشيتِهِ من الزواجِ لئلا يُقَصِّرَ في حقِ زوجتِهِ ورَعِيتِهِ، وربما خَشِيَ من التقصِيرِ في العبادة لشدة وَرِعِه، حتى صارَ نَمُوذجًا للعابدِ المُتَرَقِّي في درجاتِ التقوَىِ والذي يَرجُو الجميعُ أن يكونُوه، إلا أنهُ عِندَ وفاتِه قال عنهُ الإمامُ أحمدُ بنُ حنبل: "لو كان تَزَوَّجَ! فلو أنه تزوجَ لَتَمّ أمرُه"..

لِعلمِ إمامِ السُّنّةِ الفقيهِ الحكيم، أن مَهَمةَ إنباتِ قلوبٍ مُسلمةٍ تَسجُدُ للهِ في أرضِه إلى يوم القيامة، إنما هو مِن معالِي الأمورِ وأعظمِ العبادات..

فاستحضِرِي دومًا أن تمامَ أمرَكِ عندَ ربِكِ هو بما اصطفاكِ لهُ من الأمومةِ بإذنِ الله، مهما نَقَصَتْ سائرُ أمورِكِ الأُخرى ومساحاتُكِ الخاصةُ وحزِنتِ لذلك، فربُكِ كريمٌ جبار، وما تقدموا لأنفسكم مِن خيرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللهِ هو خيرًا وأعظمَ أجرًا..


واللؤلؤةُ الثانيةُ عن ابنِ عُمَر: أنَّه رأى رجلًا في الطوافِ يحمِلُ أمَّه على ظهرِهِ وهو يُثنِي على فَضلِها عَلَيهِ منذ كان رَضِيعًا، ثم سألَه: هل تَظُنُّنِي جازيْتُها يا ابنَ عُمر؟ فقال: لا..! ولا زفرةً واحدةً.!


فيا أيتها الأمُ الحاضنةُ الكريمة: أمومتُكِ في الإسلامِ كَنزٌ.. فاغترِفِي بسخاء ولا تبخَلِي على نفسِك.. فكلُّ ما تَفعلينَهُ لولدِكِ لهُ أجر.. وكلُّ ما يُصيبُكِ فيهِ لهُ أجر.. وكلُّ ما تصبِرِينَ عليهِ مَعَهُ لهُ أجر..

فاصبري على صَخَبِ أبنائِك وتَعَبِ طريقِ التربيةِ على مَرضاةِ الله، وجاهِدِي في الجَمعِ بينَ معالِي الأمورِ كلِّها مثلَ خديجة..
فإن عَجَزْتِ، فيَكفيكِ من الأمومةِ أجرًا وشَرَفًا، أنَّكِ مَضرِبُ المثَلِ في المَرحمَة، مِن اللهِ ورسولِه ﷺ ، فحين يُرادُ شَرحُ مَدَى سِعَةِ رحمتِهِ سبحانَهُ بمثالٍ يستوعبُهُ الناسُ، لا يُؤتَى إلا بــ "رحمةِ الأم" التي تَنعَقِدُ عليها كلَّ مرةٍ المُقارَنةُ في الأمثلةِ النبويةِ الحكيمة: "للهُ أرحَمُ بكم مِن هَذِهِ بوَلَدِها"..


فاصبري.. وأبشِري.. فالأمومةُ تستحقُ، لأنك تصنعينَ بِها المُسلمَ السَّوِيَّ الصالحَ المُصلِح.. ولأجل ذلكَ اقترنَ بِرُّ الوالدينِ بعبوديةِ اللهِ... كما سنرى في القاعدة القادمةِ إن شاء الله..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#مقالات_الأستاذة_أسماءمحمدلبيب

#المقالة_رقم٥

#قواعد_وأدوات_التربية_من_الوحيين

#القاعدة_الرابعة

(4) أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ..


مَا إن يبدأُ ولدُكِ في إدراكِ مفاهيمَ الحياةِ مِن حَولِهِ، فإنَّ أولَ مَطلُوبٍ تُلَقِّنينَهُ إياهُ بَعدَ التوحيدِ هو: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}  وربما ذلكَ قَدْ يَبدأُ بعدَ إتمامِه لعامِه الثانِي واللُه أعلم،

فهذا الشَّطرُ من الآيةِ قد جاءَ بعدَ: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْن} ولكن إنِ استوعبَ الأمرَ قبلًها فبادرٍي، فالعِبرَةُ بالاستيعاب..

فما إنْ يَعقِلُ مَفاهِيمَ التواصُلِ والامتنانِ، لَقِّنِيهِ شُكرَ أصحابِ الإنعامِ الأكبرِ عليهِ في حياتِه: -ربِّه تباركَ وتعالَى أولًا، خالقِه ورازِقِه، -ثم أمِهِ وأبيهِ ثانيًا، مَنْ جَعَلَهُما اللهُ سببًا في وُجُودِه ورِزقِهِ وعافيتِه وسعادتِه..

وكما هو معروفٌ أنَّ الشكرَ أصلُ العبادةِ للهِ عز وجل وأَصلٌ في تَحَقُّقِها حيث قال تعالى: {وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }  فهو كذلك من أسبابِ ((التعلقِ والارتباطِ الشعوري)) عمومًا، بولِيِّ الفَضلِ والنِّعمَةِ، ومن أقوَى أسبابِ الإحساسِ بالسكنِ معَهُ وحُبِّ الانقيادِ لَه، بسببِ الشعورِ العميقِ بالامتنانِ والتقديرِ تجاهَه..

ولا شكَّ أن هذا يكونُ مِن أقوَى الأسبابِ المُحَفِّزَةِ للنفسِ على البِرِّ والطاعةِ والتسليمِ بينَ يَدَيِ المُرَبِّي عُمومًا، وبالتالي يُقَوِّي من الاستجابةِ للتقويمِ والتوجِيهِ والتربيةِ على الإسلامِ والاستقامةِ، وتسليمِ الزِّمامِ طواعيةً بسَهُولةٍ ولِينٍ ويقينٍ وثِقَةٍ وحُبّ.. فمَنْ يَشكُرْ للهِ = سيَعبُدُه ويُطيعُه ويَبَرُّهُ ويَستسلِم لَهُ ويَخضَعُ بين يَدَيهِ..
ومن يشكرْ لوالديهِ = سيُطُيعُهُما ويَبَرُّهُما ويَنقادُ لهما بالمعروفِ ويَخفِضُ لهما الجناحَ ويَلِينُ بينَ يَديهِما..

ولذلكَ نجدُ التفكُكَ المُجتَمَعِيَّ في أعلَى صُوَرِه مَوجُودًا في المجتمعاتِ الغربيةِ الحديثة، إذْ إنَّ من أقوَى أسبابِ انهيارِ المُجْتمَعات: هَدمُ مَفهومِ بِرِّ الوالدينِ في الأُسرةِ، والتسخيفُ مِن قِيمةِ الالتزامِ نحوَهُما بِشَيْء، وكَسْرُ هيبتِهِما في عُيونِ الأبناء، وانتشارُ ثقافةِ الاستغناءِ عن أبيكَ وأمِّكَ ودعواتِ التخلُّصِ من هيمنةِ الكِبارِ والسُّلطَةِ الأَبَوِيَّة، والتهوينُ من قُبحِ جُحُودِ نِعمَتِهِمْ أو مِن كَربِ العَيْشِ بِدُونِهِمْ، وبالتالي تَمَرُّدُ الأبناءِ على توجِيهاتِ الآباءِ وقُيُودِهم..

ولا يَخفَى على كُلِّ عاقلٍ ما نَتَجَ عن ذَلِكَ مُجْتَمَعِيًّا ودِينيًا وإنسانيًّا، ولا حَولَ ولا قوةَ إلا بالله.. فالحمدُ للهِ على نِعمةِ الإسلامِ، الذي قَرَنَ بِرَّ الوالِدَينِ، والامتنانَ لنِعَمِهِمَا، وطاعتَهُمَا في المَعروف، بتمامِ العُبودِيَّةِ للمُنْعِمِ الأعظمِ وشُكرِهِ عَزّ وجَل، وخَوَّفَ من التفريطِ في ذلك،بِيَوْمِ الجَزَاءِ والحِسابِ قائلًا:  {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ... إليَّ المصير} 

لكن أيتها الأمُّ الطيبة،،، أهَمُّ ضامِنٍ لفعاليةِ هذهِ القاعدةِ مَعَكِ بإذن الله، هو ألا تُلَقِّنِيها لوَلَدِكِ بطريقةٍ فيها ((مَنٌّ وأذَى)).. وإنما بطريقةٍ تُنَشِّؤُهُ على أنَّ الأدبَ، والمُرُوءةَ، والخُلُقَ القَوِيمَ، وعَيْنَ الإسلامِ والإيمانِ :  
-الامتنانُ لِرَبِكَ،
-والامتنانُ لوالِديْكَ..

وهنا يأتِي سؤالٌ: ألَا يجلِبُ امتنانُهم لنا وإجلالُهم إيانا، التَروِيضَ المُمَيْكِنَ، بدلًا من التربيةِ التَزكَوِيَّة؟ والإجابةُ في القاعدة القادمةِ بإذن الله..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#مقالات_الأستاذة_أسماءمحمدلبيب

#المقالة_رقم٦

#قواعد_وأدوات_التربية_من_الوحيين

#القاعدة_الخامسة

(5) شابٌ نشأ في طاعةِ الله: تربيةٌ أم ترويض؟

التربيةُ ليس مرادِفُها أن تَجعَلي أبناءَكِ مُنضَبِطِي السلوكِ فقط مادُمتِ حاضِرَةً بسَمعِكِ وبَصَرِكِ مَعَهُم..

إنما التربيةُ هي أن يَفعَلواَ الصوابَ حتى وأنتِ لستِ في الجوار..

النوعُ الأولُ اسمهُ "ترويضٌ" أو "تعايشٌ سِلمِيٌ"، وهذا هو ما تقدمه لكِ نظرياتُ التربيةِ الغربيةِ الحديثةِ للأسف، خاصّةً لو طبقتِها بدونِ مِسطَرَةِ التربيةِ الإسلامية..

والنوع الثاني اسمُه "تربيةٌ" و "تزكيةٌ" و"فنُّ صناعَةِ الرِّجال"، ذُكرانًا وإناثًا..

الترويضُ استئناسٌ للنفسِ لتصبح أليفةً، حتى إذا فُتِحَ القفصُ أو غابَ الحارِسُ، عادتْ لتَوَحُّشِها..

لكنِ التربيَةُ، هي إعادةُ تشكيلٍ للنفسِ بالتقوَى الذاتِية، فيَستَوِي عندَها وجودُ رقيبٍ من عَدَمِه، لعلمها أن الله شهيدٌ رقيب..

إذًا...  الترويض تطويعٌ مٌؤقَّت، بينما التربيةُ تَطوِيعٌ دائم..

لكني لا أُنكِرُ أنَّ التربيةَ تحتاجُ معَها للترويضِ أحيانًا بالفعل، بل إنَّ بعضَ نظرياتِ الترويضِ المنتشرةِ، موجودةٌ في دينِنا نحنُ قبلَ كلِّ تلكَ الكُتُب..
لَكِنِ الفرقُ، أن الترويضَ في التربيةِ الإسلاميةِ لا يكونُ وحدَهُ بأيةِ حالٍ، وإن وُجِدَ فلا يكونُ هو الأصلُ.. أي إننا يُمكننا الاستغناءُ عنِ الترويضِ ونحن نُرَبِّي، لكن لا يمكننا الاستغناءُ عن التربيةِ ونحن نُروِّض.. ولأجلِ ذلكَ، فإنَّ خليطَ التربيةِ الإسلاميةِ وَحدَهُ يُحَقِّقُ المعادلةَ التربويةَ المُدهِشة في قوله تعالى: {يَهدِي لِلَتِي هِيَ أَقْوَمُ}..

فإنْ سألَ سائِلٌ: كيفَ السبيلُ إلى تلكَ التربيةِ الإٍسلاميةِ التي تؤتِي أُكُلَها الطيبةَ دونَ خَلَلٍ بإذنِ رَبِّها، وتُنشِيءُ أطفالَ المسلمينَ على الاستقامةِ في كلِ حال؟

فالجوابُ في ثلاثٍ:

⬅️أولًا: سقايةٌ متينةٌ ومحكمةٌ للعقيدةِ النقيةِ في قلوبهمُ الغَضَّةِ.. كمفهومِ التوحيدِ الخالِصِ وشُرُوطِ لا إلهَ إلا الله/ وأسماءِ اللهِ الحُسنى وصفاتِه/ وأركانِ الإسلامِ/ وأركانِ الإيمانِ، خاصَّةً رُكنُ الإيمانِ بالأنبياءِ القدواتِ الحسنةِ، والإيمانِ بالملائكةِ الكرامِ الكتبةِ، والإيمانِ بيومِ الجزاءِ والجنةِ والنارِ.. فتلك المنظومةُ المتراصَّةُ بإحكامٍ ستُنبِتُ في قلوبِهِمُ التقوَى والخوفَ من غَضَبِ الله/ والرجاءَ في جَنَّتِهِ ومَحَبَّتِه/ والإخلاصَ/ وحُبَّ الخيرِ وأهلِه/ وبُغضَ الشرِّ وأهلِه/.. وسنفصلُ ذلكَ أكثرَ في مقالاتٍ لاحقةٍ بحولِ اللهِ وقُوَتِه..

⬅️ثانيًا: سِقايةٌ متأنيةٌ وعلى مُكثٍ، للقرآن.. وتعليقِهِم بِهِ كغذاءٍ لا غِنَىً عنْهُ، كغذاءِ البَدَنِ تمامًا بلْ أشد.. فينشأونَ على أنَّ "القرآنَ حياةٌ"، حِفظًا وفَهمًا وحُجَّةً وعَمَلًا ودِرْعًا أمامَ المِحَنِ..

⬅️ثالثا: وسائلُ أخرى لا تقلُّ أهميةً، مِن إخلاصِ النيةِ للهِ/ وصِدقِ الاستعانَةِ به/ والقدوةُ/ والصبرُ/ والحبُ والمرحمةُ/ والذِّكرُ للهِ كثيرًا وفيهِ الدعاءُ.. وتكلمنا عنهم من قَبلُ ولازالَ للتفصيلِ بقيةٌ بإذنِ الله..


فختامًا نقولُ،،، الإسلامُ يُنَشِّئُهُم منذُ صِغَرِهِم على حَملِ هَمِّ الدينِ وهَمِّ إهدائِهِ للناسِ قُدوةً وقِيادة. ويَنقَعُ قلوبَهم وأعمارَهُم فِي القُرآن. ويُرَبِّيهُم على الخشونةِ والتخفُّفِ مِنَ الدُنيا وعدمِ الهشاشةِ أو المُيُوعةِ. ويُلَقِّنُهُم أنَّ مَعَالِي الأمورِ لا نَملِكُ رفاهيةَ تَرْكِها. ويُعَلِّمُهُم فَنَّ التخطيطِ الشاملِ لحياتِهم حولَ كَعبَةِ رضا الله. ويَغرِسُ فيهم أنَّ الإنجازَ الساحِقَ والميداليةَ الذهبيةَ = في رضا اللهِ لا الناسِ، وأنَّ ذلكَ هُو الفوزُ العظيم. وكذلك الإسلامُ يُعَلِّمُكِ وأباهم أن تُلقِناهُم ذلك وأنتُما تحيطانِهِم بحبٍ وحنانٍ وحُسْنِ صُحبَةٍ وتَشجِيعٍ واحتواءٍ وصبرٍ وحِكمةٍ..

ويَحَثُّكُما على أن تكونا قدوةً في كلِّ ذلكَ أولًا، ليَقتَفُوا خُطُواتِكما بثباتٍ، فِي فَنِّ ((مَلءِ الصحيفةِ بالحسناتِ))..

فإن رَبَيتُم وتَرَبَيتُم على ضوءِ تِلكَ الثمانيةِ، فلن تقلقُوا من فَخِ الترويضِ، ولن تحتاجُوا إلى الغَربِ لِكَيْ يُعَلِّمُوكُم كيفَ تُرَوِّضُونَ أبناءِ المسلمين.. لأنَّ الثمرةَ إن لم تكُنْ "شابًا نشأَ في طاعةِ الله"، فإننا حِينئذٍ لَم نُرَبِّ غالبًا، وإنَّمَا قد رَوَّضْنا وحَسب..

والتربيةُ صعبةٌ.. أجَلْ.. لَكِنِ الثمرةُ تستحقُّ.. فروِّضُوا أبناءَكم بالإسلامِ.. وهنا قد تسألُ أمٌ فاضلةٌ: هل من نَمُوذجٍ قرآنِيٍّ عَمَلِيٍّ، يُبرِزُ ويُؤكِّدُ هذا الكلامَ، نضَعُهُ نُصْبَ أعينِنا ونَسِيرُ عَلَيهِ؟ والجوابُ في المقالةِ القادمةِ بإذنِ الله.. أسماء محمد لبيب

رابط المادة: http://iswy.co/e2cbks
كثرت المطالَبات بأمثلة و تطبيقات على المقالات التي نقرأها ،

و إليكم الرد من الأستاذة / أسماء 👇👇

و نكرر و نقول :

التطبيق من غير قواعد= عشوائية وإحباط.

تعديل السلوك بيبدأ مننا احنا الأول.

وبيحتاج معرفة.. يعني علم.. معلومات.. تغير قناعاتنا.. إللي على أساسها سلوكياتنا بتتغير..

وبالتالي سلوكنا يبدأ يمشي في الاتجاه الصح بإذن الله مع ولادنا.

مثال: لما تطبيق قاعدة إن مرجعيتنا هي الشرع وقاعدة حل النزاعات بيننا وبين ولادنا :
https://www.tg-me.com/rabayany_asmaa/487
وده
https://www.tg-me.com/rabayany_asmaa/370

والمقالات كلها بفضل الله فيها لفتات تطبيقية
و أمثلة من حياتنا اليومية.

وكل واحد بيطبق حسب ظروفه والمتاح له من وسائل وإمكانيات..

فلازم نتشرب تماما بالقواعد والممنوعات الأول وهي في ذاتها تطبيق عملي لسلوكنا إللي بالتبعية بينعكس وينتقل لأولادنا وتعاملاتنا معاهم.

وقناتي فيها مقالات كتير بنماذج تطبيقية . تقدروا تتصفحوا وسوم/ هاشتاجات الفهرس هناك وتقروا براحتكم وتطبقوا .
قناتي:
https://www.tg-me.com/rabayany_asmaa
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#مقالات_الأستاذة_أسماءمحمدلبيب

#المقالة_رقم٧

#قواعد_وأدوات_التربية_من_الوحيين

القاعدة6: صناعةُ القادةِ والقدواتِ.. {وآتَيْناَهُ الحُكْمَ صَبِيًّا}

#القواعد

{وآتيناه الحُكمَ ((صبيًّا))..}
مَنْ هَذَا....؟
سيدُنا يَحيَى عليهِ السلام..
وما معنى الآية؟
معناها أنَّهُ أُوتِيَ مَعرِفةَ أحكامِ اللهِ والحُكمَ بها، وهو في حالِ صِغَرِه وصِباه..*1
فهل من آيةٍ أخرى؟
نعم: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ.. أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ ((بِيَحْيَى)).. مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَ ((سَيِّدًا)) وَ((حَصُورًا)).. وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ))..}

لا يَشُكُّ عاقِلٌ أنَّ مِن نَعِيمِ الدنيا الذِي يُبَشَّرُ بهِ المَرءُ، أن يكونَ ولدُهُ ((سيدًا)).. و((حَصُورًا))..

==سَيِّدًا مُؤَثِّرًا فِي الناسِ، لَهُ كلمةٌ مًسمُوعةٌ وينتهِي إليهِ القولُ، سَواءً في دائرتِهِ أو أوسَعَ منها..

==وحَصُورًا لا يأتِي الذنوبَ والفواحِشَ، بل حَصَرَ نفسَهُ عَنها، وخَصَّصَ بَدَنَهُ لطاعةِ ربِهِ وَتَزكِيةِ نَفسِهِ،

بالِغًا بذلك دُرَّةً عاليةً في الطُّهْرِ والاستقامة:

= فهو سيدٌ في المَشُورةِ والإمامَةِ، أي: ((قائدٌ))..
= وسيدٌ في الصلاح ِ والعِفةِ والعِصمَةِ من المُنكَرَاتِ، أي: ((قدوة))..

والآيةُ تُشِيرُ إلى أنَّ من أقوَى أسبَابِ ذلك: التسلُّحُ بالعلمِ الشرعيِّ منذُ الطفولةِ، وأخدُهُ بقُوةٍ..

⬅️ببساطةٍ..

الآيتانِ تَلفِتانِ نِظَرَنا لنوع ٍ مِنَ التَرْبيةِ اسمُهُ

[[ فَنُّ صِناعَةِ القادةِ والقُدْواتِ ]]..

فمِن فُنُونِ صِناعَةِ القادةِ: التربيةُ على هدفٍ أكبرَ من دائرةِ الذَّاتِ: "سيادةُ العالمِ وإمامَةُ الناسِ"..

كتخطيطِ هِنْدَ بِنْتِ عُتبةَ لابنِها مُعاويةَ بنِ أبي سُفيان.. حينَ قيل لها، وابنُها لايزالُ وَلِيدًا بينَ يَدَيْها:
"إن عاشَ، سادَ قَوْمَه!"... فقالت: "ثكِلتُهُ إنْ لَمْ يَسُدْ إلا قَومَه!!"

تلك أمٌّ قد فَقِهَتْ الآيةَ، ورَبَّتِ ابنَها بها، حتى صارَ "مَعاويةَ بنَ أبِي سُفيان"، داهيةَ العَرَبِ قبلَ الإسلامِ وأحدَ فُضلاءِ الصحابةِ بعد الإٍسلامِ.. رضي الله عنه..

أما نحنُ اليومَ؟... فنتَحَسَّسُ رقابَنا إذا فَكرْنا في مُخاطَبَةِ بَعضِ الناسِ بأدبياتِ تربيةِ تلكَ النفوسِ التِي سادَتِ الدنيا..!!

هذا فيما يَخُصُّ فَنَّ صِناعةِ القادةِ..

⬅️ أما فيما يَخُصُّ فَنَّ صناعةِ القُدْواتِ:

فمِن أقوَى ما يُعِينُ عليهِ وأشارتْ إليهِ الآياتُ، تربيةُ ولدِكِ على الانتباهِ جيدًا لسلوكياتِهِ ومواضعِ خُطُواتِه حِرصًا على خُطُواتِ الناسِ خَلفَهُ، إخوتِهِ وجِيرانِه وصُحبَةِ المَسجِدِ والمَدرَسةِ وغيرِهم.. فتَكرَارُكِ ذَلِكَ عليهِ دومًا، من أقوَى وسائلِ تَنمِيَةِ حِسِّ القُدْوَةِ بداخِلِه..

مثلما فَعَلَ سيدُنا عُمَرُ معَ سيدِنا طَلحةَ..
ففي يومٍ مِن أيامِهِمُ النَّدِيَّةِ، رأى سيدُنا عُمَرُ سيدَنا طلحةَ وهو مُحرِمٌ بملابسَ مصبوغةٍ، فسألَهُ عن ذلكَ.
فقالَ لهُ طلحةُ: إنما هُوَ مَدَرٌ – أي إنه طِين ٍ لَزِج ٍ فحسْبْ.. وقد ظَنَّهُ سيدُنا عُمَرُ صبغةَ ألوانٍ من التِي لا تَجُوزُ في حَقِّ الرِجالِ..

فقال عُمَرُ جُملتَهُ الذَّهَبِيَّةَ:
[[ إِنَّكُم أيُّها الرَّهطُ أئمَّةٌ يَقتدِي بكُمُ الناسُ.. فلو أن رجلاً جاهِلاً، رَأَى هذا الثوبَ، لقالَ: "إنَّ طَلحةَ بنَ عُبَيدِ اللهِ قَدْ كَانَ يَلبَسُ الثيابَ الْمُصَبَّغَةَ في الإحرامِ"، /فلا تَلبَسوا أيُّها الرَّهطُ شيـئًا من هَذِهِ الثِّيابِ المُصَبَّغَةِ..]]
رضِيَ اللهُ عن لَئالِيءِ الأُمَّةِ..

ونقولُ خِتاماً..
= رَبِّي وّلَدَكِ على سِيادةِ الدنيا بالقدوةِ الصَّالِحَةِ..
= فِإنْ لَمْ يَستَطِعْ، فَسِيادةُ قومِه..
= فإن لمْ يَستَطِع، فسيادةُ نَفْسِه وامْتِلاكُ زِمامِها، كَأهَمّ وأَجَدَرِ غايَةٍ للِفلاحِ..
= وهَيِّئِيهِ لتلكَ الدَرَجاتِ العُلَى بِالعِلمِ والقُوَّةِ وكلِّ الأسبابِ، مُنذُ نُعُومَةِ أظفارِهِ..

فقطْ نَنتَبِهُ ونحنُ نُرَبِّيهِمْ على سِيادَةِ العالَمِ، أن لَّا نَزرَعَ فيهم حُبَّ الرِّئاسَةِ ولا السَّعْيَ لِلْإِمَامَةِ مِنْ أَجْلِ مَالٍ أَوْ مَنصِبٍ أو زَعَامَةٍ، وَلا دُونَ جَدَارَةٍ واستِحقَاقٍ.. فلا يُقَدِّمُ نَفسَهُ لِلقِيادَةِ والإداراةِ وما شابَهَ إلَّا إذا تَعَاهَدَ نَفْسَهُ بِالعِلْمِ وَالكَفاءَةِ وَالإِخلاصِ للهِ، كما فَعَلَ سيدُنا يوسفُ {اجعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الآرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}.. وكما دَعَا عِبادُ الرحمَنِ الذين زكاهم الله: {وَاجعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}..

فعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ! أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟.. فَضَرَبَ ﷺ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ..

….يتبع👇👇
….تابع ماسبق…..

إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا"..

لكن في نفسِ الوَقتِ، عن عُثمانَ بنِ بِشْرٍ، قالَ: "يا رسولَ اللهِ! اجعَلْنِي إِمَامَ قومِي" فقالَ ﷺ: أنتَ إِمامُهُم..
رُغْمَ أَنَّهُ كانَ أصغَرَ قَومِه مِن وَفدِ بَنِي ثَقِيف، إلا إنَّهُ كانَ أحْرَصَهُم عَلَى طَلبِ العِلمِ بَينَ يَدَيِ النبيِ ﷺ، فاستَحَقَّ إمَامَتَهُم..

فالأمرُ أولًا وأخيرًا بضوابِطَ وأدواتٍ نربيه عليها أولًا، ولا يَتَسِعُ لها المَقامُ هُنا..
فيكونُ سَعْيُه لِلقِيادةِ والقُدوَةِ وَسِيلَةً لنَشر ِ دِينِ اللهِ، وليستْ غايةً لِصَرْفِ وُجُوهَ النَّاسِ إِليهِ..

فحِينَها ((سيَحيَى)) بِحَقٍ كَسِيدِنا ((يَحيَى))، الذي كان سَيّدًا فِي النَّاسِ بعِلمِهِ وعملِهِ ذا كَلِمَةٍ مَسمُوعَةٍ، وسيدًا في الصلاح ِ ذا نَفْسٍ حَصُورَةٍ عن الشَّهَوَاتِ والذُّنُوبِ، وسَيِّدًا فِي الأنبياءِ بَلَغَ مِنَ الخَيرِ والكمالِ البَشَرِيِّ ذُرْوَتَهُ..

فيُحْيِي اللهُ الناسَ بِوَلَدِكِ، و((يَحيَى)) هو خالدَ الذِّكْرِ بِلِسانِ صِدْقٍ فِي الآخِرِين.. بحول ِ اللهِ وقُوَّتِهِ..

وهُنا يَأتِي سؤالٌ: كيف يَلِينُ بَينَ يَدَيْكِ فِي كُلِّ ذَلِك...؟
والجوابُ في القاعِدَةِ القادِمَةِ بِإذنِ الله..

🍃🍃🍃🍃🍃🍃
**هوامش:
1*تفسير السعدي للآية..
2*حديث عثمان: وفي طلبِ عُثمانَ أنْ يكونَ إمامًا لقومِه ومُوافقةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم له على ذلك: دَلالةٌ على مَشروعيَّةِ طلبِ الإمامةِ في الخَيرِ، كما في أدعية عِبادِ الرَّحمنِ أنَّهم يقولون: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]، وهذا ليس من طلبِ رِياسة الدُّنيا المكروهةِ، التي لا يُعانُ عليها ولا يُولَّاها مَن طَلَبها، ولا يَستحقُّ أن يُعطاها، كما رَوَى أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنَّا لا نُولِّي هذا الأمرَ أحداً سأله أو حرص عليه"
https://dorar.net/h/4a39e7cf3c162c24156697807d9ff9cd

🍃🍃🍃🍃🍃🍃

رابط المقالة على طريق الإسلام: http://iswy.co/e2cdee
#أسماءمحمدلبيب
أمةالله-عفا الله عنها
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
2024/07/23 03:35:45
Back to Top
HTML Embed Code: